@ 534 @ .
قال أبو حيان في البحر المحيط : ومثلاً معطوف على آيات ، فيحتمل أن يكون المعنى ومثلاً من أمثال الذين من قبلكم : أي قصة غريبة من قصصهم كقصة يوسف ، ومريم في براءتهما . .
وقال الزمخشري : ومثلاً من أمثال من قبلكم أي قصة عجيبة من قصصهم كقصة يوسف ، ومريم يعني قصة عائشة رضي الله عنها ، وما ذكرنا عن أبي حيان والزمخشري ذكره غيرهما . .
وإيضاحه : أن المعنى : وأنزلنا إليكم مثلاً أي قصة عجيبة غريبة في هذه السورة الكريمة ، وتلك القصة العجيبة من أمثال الذين خلوا من قبلكم : أي من جنس قصصهم العجيبة ، وعلى هذا الذي ذكرنا فالمراد بالقصة العجيبة التي أنزل إلينا ، وعبر عنها بقوله : ومثلاً هي براءة عائشة رضي الله عنها مما رماها به أهل الإفك ، وذلك مذكور في قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُمْ } إلى قوله تعالى : { أُوْلَئِكَ مُبَرَّءونَ مِمَّا يَقُولُونَ } الآية . فقد بين في الآيات العشر المشار إليها أن أهل الإفك رموا عائشة ، وأن الله برأها في كتابه مما رموها به ، وعلى هذا : .
فمن الآيات المبينة لبعض أمثال من قبلنا قوله تعالى في رمي امرأة العزيز يوسف بأنه أراد بها سوءاً تعني الفاحشة قالت : { مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءا إِلا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وقوله تعالى : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ } لأنهم سجنوه بضع سنين ، بدعوى أنه كان أراد الفاحشة من امرأة العزيز ، وقد برأه الله من تلك الفرية التي افتريت عليه بإقرار النسوة وامرأة العزيز نفسهاوذلك في قوله تعالى : { فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النّسْوَةِ الَّاتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَالَ } وقال تعالى عن امرأة العزيز في كلامها مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن { قَالَتْ فَذالِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ } الآية . .
فقصة يوسف هذه مثل من أمثال من قبلنا ، لأنه رمى بإرادة الفاحشة وبرأه الله من