@ 325 @ .
والظاهر أن جميع أقوال أهل العلم في قوله { خَلْقاً ءَاخَرَ } أنه صار بشراً سوياً بعد أن كان نطفة ، ومضغةً ، وعلقةً ، وعظاماً كما هو واضح . .
مسألة .
وقد استدل بهذه الآية الإمام أبو حنيفة رحمه الله ، على أن من غصب بيضة ، فأفرخت عنه أنه يضمن البيضة ، ولا يرد الفرخ ، لأن الفرخ خلق آخر سوى البيضة ، فهو غير ما غصب ، وإنما يرد الغاصب ما غصب . وهذا الاستدلال له وجه من النظر ، والعلم عند الله تعالى . .
وقوله تعالى في هذه الآية { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } وقوله { فَتَبَارَكَ اللَّهُ } قال أبو حيان في البحر المحيط : تبارك : فعل ماضٍ لا ينصرف ، ومعناه : تعالى وتقدس . ا ه منه . .
وقوله في هذه الآية { أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } أي المقدرين والعرب تطلق الخلق وتريد التقدير . ومنه قول زهير : أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } أي المقدرين والعرب تطلق الخلق وتريد التقدير . ومنه قول زهير : % ( ولأنت تفري ما خلقت وبعض % القوم يخلق ثم لا يفري ) % .
فقوله : يخلق ثم لا يفري : أي يقدر الأمر ، ثم لا ينفذه لعجزه عنه كما هو معلوم . ومعلوم أن النحويين مختلفون في صيغة التفضيل إذا أضيفت إلى معرفة ، هل إضافتها إضافة محضة ، أو لفظية غير محضة ، كما هو معروف في محله ؟ فمن قال : هي محضة أعرب قوله { أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } نعتاً للفظ الجلالة ، ومن قال : هي غير محضة أعربه بدلاً ، وقيل : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو أحسن الخالقين . وقرأ هذين الحرفين { فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً } وقوله { فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً } ابن عامر وشعبة عن عاصم عظماً : بفتح العين ، وإسكان الضاء من غير ألف بصيغة المفرد فيهما ، وقرأه الباقون : عِظَاماً بكسر العين وفتح الظاء ، وألف بعدها بصيغة الجمع ، وعلى قراءة ابن عامر وشعبة . فالمراد بالعظم : العِظَام . .
وقد قدمنا بإيضاح في أول سورة الحج وغيرها أن المفرد إن كان اسم جنس ، قد تطلقه العرب ، وتريد به معنى الجمع . وأكثرنا من أمثلته في القرآن ، وكلام العرب مع تعريفه وتنكيره وإضافته ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا .