@ 323 @ لنوع الإنسان ، الذي هو النسل لدلالة المقام عليه ، كقولهم : عندي درهم ونصفه : أي ونصف درهم آخر . كما أوضح تعالى هذا المعنى في سورة السجدة في قوله تعالى { ذالِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاٌّ بْصَارَ وَالاٌّ فْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاٌّ بْصَارَ وَالاٌّ فْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } وأشار إلى ذلك بقوله تعالى : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } وما ذكره هنا من أطوار خلقه الإنسان ، أمر كل مكلف أن ينظر فيه . والأمر المطلق ، يقتضي الوجوب إلا لدليل صارف عنه ، كما أوضحناه مراراً . وذلك في قوله : { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } . وقد أشار في آيات كثيرة ، إلى كمال قدرته بنقله الإنسان في خلقه من طور إلى طور ، كما أوضحه هنا وكما في قوله تعالى : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } وبين أن انصراف خلقه عن التفكر في هذا والاعتبار به مما يستوجب التساؤل والعجب ، وأن من غرائب صنعه وعجائب قدرته نقله الإنسان من النطفة ، إلى العلقة ، ومن العلقة إلى المضغة الخ . مع أنه لم يشق بطن أُمه بل هو مستتر بثلاث ظلمات : وهي ظلمة البطن ، وظلمة الرَّحِم ، وظلمة المشيمة المنطوية على الجنين ، وذلك في قوله جل وعلا : { يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } فتأمل معنى قوله { فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } أي عن هذه العجائب والغرائب ، التي فعلها فيكم ربكم ومعبودكم . وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الاٌّ رْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ } وقال : { ياأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } ثم ذكر الحكمة فقال { لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ } أي لنظهر لكم بذلك عظمتنا ، وكمال قدرتنا ، وانفرادنا بالإلهية واستحقاق العبادة ، وقال في سورة المؤمن { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً } وقال تعالى : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاٍّ نثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى } والآيات بمثل هذا كثيرة ، وقد أبهم هذه الأطوار المذكورة في قوله