@ 277 @ خلاف بين أهل العلم في انقضاء العدة بوضعه ، وكونها أم ولد ، ووجوب الغرة فيه ، ولكن العلماء اختلفوا في الصلاة عليه ، وغسله وتكفينه . فذهب مالك رحمه الله : إلى أنه لا يصلى عليه ، ولا يغسل ، ولا يحنط ، ولا يسمى ، ولا يورث ، ولا يرث حتى يستهل صارخاً ، ولا عبرة بعطاسه ، ورضاعه ، وبوله فلو عطس ، أو رضع ، أو بال لم يكن ذلك موجباً للصلاة عليه في قول مالك ، وعليه جمهور أصحابه . وقال المازري : رضاعه تتحقق به حياته فتجب به الصلاة عليه ، وغيرها من الأحكام . .
قال مقيده عفا الله وغفر له : الظاهر أن الصواب في هذه المسألة أنه إن علمت حياته ، ولو بسبب آخر غير أن يستهل صارخاً ، فإنه يصلى عليه . وقد علمت أن مشهور مذهب الإمام مالك أن المدار على أن يستهل صارخاً ، فإن لم يستهل صارخاً غسل دمه ، ولف بخرقة ، ووري ، ومذهب الشافعي : أنه إن استهل صارخاً أو تحرك حركة تدل على الحياة ثم مات صلي عليه ، وورث وإن لم يستهل ، ولم يتحرك ، فإن لم يكن له أربعة أشهر ، لم يصل عليه ، ولكنه يلف بخرقة ، ويدفن ، وإن كان له أربعة أشهر فقولان : قال في القديم : يصلى عليه ، وقال في الأم : لا يصلى عليه ، وهو الأصح ، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة ، وأصحابه وجابر بن زيد التابعي ، والحكم وحماد ، والأوزاعي ومالك : أنه إذا لم يستهل صارخاً لا يصلى عليه . وعن ابن عمر : أنه يصلى عليه ، وإن لم يستهل . وبه قال ابن سيرين وابن المسيب وإسحاق . انتهى بواسطة نقل النووي في شرح المهذب ، ومذهب الإمام أحمد رحمه الله : أنه إذا لم يستهل صارخاً ، ولم يتحرك ، فإن كان له أربعة أشهر : غسل ، وصلي عليه ، وإلا فلا ، أما إذا استهل صارخاً ، فلا خلاف بينهم في الصلاة عليه . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : اعلم أن اختلاف الأئمة في هذه المسألة من قبيل الاختلاف في تحقيق المناط ، لأن مناط الأمر بالصلاة عليه ، هو أن يعلم أنه تقدمت له حياة . ومناط عدم الصلاة عليه : هو أن يعلم أنه لم تتقدم له حياة ، فمالك ومن وافقه رأوا أنه إن استهل صارخاً ، أو طالت مدته حياً علم بذلك أنه مات بعد حياة ، فيغسل ويصلى عليه ، وقالوا : إن مطلق الحركة لا يدل على الحياة ، لأن المذبوح قد يتحرك حركة قوية ، وقالوا : إنه إن رضع لم يدل ذلك على حياته . قالوا : قد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعنه عدو الله معدوداً في الأموات لو مات له مورث في ذلك الوقت ما ورثه ، وهو قول ابن القاسم . ولو قتل رجل عمر في ذلك الوقت لما قتل به ، لأنه في حكم الميت ، وإن كان