@ 355 @ دائماً من غير تحول ولا انتقال . وهذا المعنى المذكور هنا جاء موضحاً في مواضع أخر ، كقوله : { الَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ } أي الإقامة أبداً ، وقوله : { وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } ، وقوله : { إِنَّ هَاذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } ، وقوله : { عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على دوامهم فيها ، ودوام نعيمها لهم . والحول : اسم مصدر بمعنى التحول . قوله تعالى : { قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } . أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة : أن يقول { لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّى } أي لو كان ماء البحر مداداً للأقلام التي تكتب بها كلمات الله ( لنفد البحر ) أي فرغ وانتهى قبل أن تنفد كلمات ربيَ { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } أي ببحر آخر مثله مدداً ، أي زيادة عليه . وقوله ( مددا ) منصوب على التمييز ، ويصح إعرابه حالاً . وقد زاد هذا المعنى إيضاحاً في سورة ( لقمان ) في قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّمَا فِى الاٌّ رْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } . وقد دلت هذه الآيات على أن كلماته تعالى لا نفاد لها سبحانه وتعالى علواً كبيراً . قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ } . أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول للناس : { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي لا أقول لكم إني ملك ولا غير بشر ، بل أنا بشر مثلكم أي بشر من جنس البشر ، إلا أن الله تعالى فضلني وخصني بما أوحى إلي من توحيده وشرعه . وقوله هنا { يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ } أي فوحدوه ولا تشركوا به غيره . وهذا الذي بينه تعالى في هذه الآية . أوضحه في مواضع أخر . كقوله في أول ( فصّلت ) : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَواةَ وَهُمْ بِالاٌّ خِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } ، وقوله تعالى : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً } وقوله : { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ }