@ 9 @ وقد تقدمت شواهد هذا في ( سورة هود ) . .
تنبيه .
اختلف العلماء هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء بعين رأسه أولاً ؟ فقال ابن عباس وغيره : ( رآه بعين رأسه ) وقالت عائشة وغيرها : ( لم يره ) . وهو خلاف مشهور ، بين أهل العلم معروف . .
قال مقيده عفا الله عنه : التحقيق الذي دلت عليه نصوص الشرع : أنه صلى الله عليه وسلم لم يره بعين رأسه . وما جاء عن بعض السلف من أنه رآه . فالمراد به الرؤية بالقلب . كما في صحيح مسلم : ( أنه رآه بفؤاده مرتين ) لا بعين الرأس . .
ومن أوضح الأدلة على ذلك أن أبا ذر رضي الله عنه ( وهو هو في صدق اللهجة ) سأل النَّبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة بعينها . فأفتاه بما مقتضاه : أنه لم يره . قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن زيد بن إبراهيم ، عن قتادة ، عن عبد الله بن شقيق ، عن أبي ذر قال : سأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل رأَيت ربك ؟ قال : ( نورا أنى أراه ) ؟ . .
حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ( ح ) وحدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا همام ، كلاهما عن قتادة ، عن عبد الله بن شقيق قال : ( قلت لأبي ذر : لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته . فقال : عن أي شيء كنت تسأله ؟ قال : كنت أسأله : هل رأيت ربك ؟ قال أبو ذر : قد سألت فقال : ( رأيت نوراً ) هذا لفظ مسلم . .
وقال النووي في شرحه لمسلم : أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( نورا أَنى أراه ) ا ! فهو بتنوين ( نور ) وفتح الهمزة في ( أَنى ) وتشديد النون وفتحها . و ( أَراه ) بفتح الهمزة هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات . ومعناه : حجابة نور ، فكيف أراها ! . .
قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله : الضمير في ( أراه ) عائد إلى الله سبحانه وتعالى ، ومعناه : أن النور منعني من الرؤية . كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار ، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه . .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( رأَيت نوراً ) معناه : رأيت النور فحسب ، ولم أر غيره . قال : وروي ( نوراني ) بفتح الراء وكسر النون وتشديد الياء . ويحتمل أن يكون معناه راجعاً إلى ما قلناه .