@ 459 @ إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } { وَانطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىءَالِهَتِكُمْ } ، وقوله : { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَاذَا الَّذِى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً . .
فمجموع ما ذكرنا يؤيد قول من قال : إن المراد بهذه القرية المضروبة مثلاً في آية ( النحل ) ، هذه : هي مكة . وروي عن حفصة وغيرها : ( أنها المدينة ، قالت ذلك لما بلغها قتل عثمان رضي الله عنه ) . وقال بعض العلماء : هي قرية غير معينة ، ضربها الله مثلاً للتخويف من مقابلة نعمة الأمن والاطمئنان والرزق ، بالكفر والطغيان . وقال من قال بهذا القول : إنه يدل عليه تنكير القرية في الآية الكريمة في قوله : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً } . .
قال مقيدة عفا الله عنه : وعلى كل حال ، فيجب على كل عاقل أن يعتبر بهذا المثل ، وألا يقابل نعم الله بالكفر والطغيان . لئلا يحل به ما حل بهذه القرية المذكورة . ولكن الأمثال لا يعقلها عن الله إلا من أعطاه الله علماً . لقوله : { وَتِلْكَ الاْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ } . .
وفي قوله في هذه الآية الكريمة { قَرْيَةٌ } وجهان من الإعراب . .
أحدهما أنه يدل من قوله { مَثَلاً } . الثاني أن { ضُرِبَ } مضمن معنى جعل ، وأن { قَرْيَةٌ } هي المفعول الأول ، و { مَثَلاً } المفعول الثاني . وإنما أخرت قرية لئلا يقع الفصل بينها وبين صفاتها المذكورة في قوله : { كَانَتْ ءامِنَةً } الخ . .
وقوله في هذه الآية الكريمة : { مُّطْمَئِنَّةً } أي لا يزعجها خوف . لأن الطمأنينة مع الأمن ، والانزعاج والقلق مع الخوف . .
وقوله : { رَغَدًا } أي واسعاً لذيذاً . والأنعام قيل جمع نعمة كشدة وأشد . أو على ترك الاعتداد بالتاء . كدرع وأدرع . أو جمع نعم كبؤس وأبؤس . كما تقدم في ( سورة الأنعام ) في الكلام على قوله : { حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } . .
وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف ، هو أن يقال : كيف أوقع الإذاقة على اللباس في قوله { فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ } . وروي أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمامِ اللغة الأدب : هل يُذاق اللباس ؟ ا يريد الطعن