@ 458 @ .
وأما الخوف المذكور في آية النحل فقد ذكر جل وعلا مثله عن أهل مكة أيضاً على بعض تفسيرات الآية الكريمة التي هي { وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ } فقد جاء عن جماعة من السلف تفسير القارعة التي تصيبهم بسرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال صاحب الدر المنثور : أخرج الفريابي وابن جرير ، وابن مردويه من طريق عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ * قَالَ } . وأخرج الطيالسي وابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ( { وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ } قال : سرية { قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ } قال : أنت يا محمد { حَتَّى يَأْتِىَ وَعْدُ اللَّهِ } قال فتح مكة ) . وأخرج ابن مردويه ، عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله ( { تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ } قال : سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَوْ تَحُلُّ } يا محمد { قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ } ) . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير ، وابن المنذر وأبو الشيخ ، والبيهقي في الدلائل ، عن مجاهد رضي الله عنه قال : ( { لَّخَبِيرٌ الْقَارِعَةُ } السرايا { أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ } قال الحديبية { حَتَّى يَأْتِىَ وَعْدُ اللَّهِ } قال : فتح مكة ) . وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } نزلت بالمدينة في سرايا النَّبي صلى الله عليه وسلم . أو تحل أنت يا محمد قريباً من دراهم اه محل الغرض منه . .
فهذا التفسير المذكور في آية ( الرعد ) هذه ، والتفسير المذكور قبله في آية ( الدخان ) يدل على أن أهل مكة أبدلوا بعد سعة الرزق بالجوع ، وبعد الأمن والطمأنينة بالخوف . كما قال في القرية المذكورة { كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } . وقوله في القرية المذكورة { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ } لا يخفى أنه قال مثل ذلك عن قريش في آيات كثيرة . كقوله : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } ، وقوله : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ } . .
والآيات المصرحة بكفرهم وعنادهم كثيرة جداً . كقوله : { أَجَعَلَ الاٌّ لِهَةَ إِلَاهاً وَاحِداً