ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس Bهما مسيرة شهر في حديث واحد وكذا رحل غيره في حديث واحد قال سعيد بن المسيب إن كنت لأغيب الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد وقال أبو قلابة لقد أقمت بالمدينة ثلاثة أيام مالي حاجة إلا رجل عنده حديث يقدم فأسمعه منه .
قال الشعبي في مسألة كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة وقال ابن مسعود لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني لرحلت إليه وقال أبو العالية كنا نسمع عن الصحابة فلا نرضى حتى خرجنا إليهم فسمعنا منهم .
ولم يزل السلف والخلف من الأئمة يعتنون بالرحلة والقول الذي حكاه الرامهرمزي في الفاصل عن بعض الجهلة في عدم جوازها شاذ مهجور .
وقد اقتفيت ولله الحمد أثرهم في ذلك بعد موت من كانت الرحلة إليه من سائر الأقطار كالواجبة وهو شيخنا C وأدركت في الرحلة بقايا من المعتبرين وما بقي في ذلك من سنن إلا مجرد الاسم بيقين وحيث وجدت رحلت فبادر فيها للقاء من يخشى فوته ولا تتوانى فتندم كما اتفق لغير واحد من الحفاظ في موت من قصدوه بالرحلة بعد الوصول إلى بلده واقتد بالحافظ السلفي الأصبهاني فإنه ساعة وصوله إلى بغداد لم يكن له شغل إلا المضي لأبي الخطاب بن البطر هذا مع علته بدماميل كانت في مقعدته من الركوب بحيث صار يقرأ عليه وهو متكيء للخوف من فقده لكونه كان المرحول إليه من الآفاق في الإسناد .
ولما رحل شيخنا إلى البلاد الشامية قصد الابتداء ببيت المقدس ليأخذ عن ابن الحافظ العلائي سنن ابن ماجه لكونه سمعه على الحجاز فبلغه وهو بالرملة موته فعرج عنه إلى دمشق لكونها بعد فواته أهم وأجدر من المبالغة في المبادرة بحيث ترتكب ما لا يجوز فربما يكون سببا للحرمان