فقد حكى أن بعضهم وافى البصرة يسمع من شعبة ويكثر عنه فصادق المجلس قد انقضى وانصرف شعبة إلى منزله فبادر إلى المجيء إليه فوجد الباب مفتوحا فحمله الشره على أن دخل بغير استئذان فرآه جالسا على البالوعة يبول فقال له السلام عليكم رجل غريب قدمت من بلد بعيد تحدثني بحديث الرسول A فاستعظم شعبة هذا وقال يا هذا دخلت منزلي بغير إذني وتكلمني وأنا على مثل هذه الحال تأخر عني حتى أصلح من شأني فلم يفعل واستمر في الإلحاح وشعبة ممسك ذكره بيده ليستبرئ فلما أكثر قال له أكتب حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود أن النبي A قال إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ثم قال والله لا أحدثك بغيره ولا أحدث قوما تكون فيهم انتهى .
واسلك ما سلكته في بلدك من الابتداء بالأهم فالأهم ولا تكن كمن رحل من الشام إلى مصر فقرأ بها على مسند الوقت العز بن الفرات الذي انفرد بما لا يشاركه فيه في سائر الآفاق غيره الأدب المفرد للبخاري أو بإجازته من العز ابن جماعة لسماعه من أبيه البدر مع كون في مسندي القاهرة من سمعه على البدر بل وكذا في بلده التي رحل منها .
ولا تتشاغل في الغربة إلا بما تحق الرحلة لأجله فشهوة السماع كما قال الخطيب لا تنتهي والنهمة من الطلب لا تنقضي والعم كالبحار المتعذر كيلها والمعادن التي لا ينقطع نيلها كل ذلك مع مصاحبتك التحري في الضبط فلا تقلد إلا الثقات ولا تساهل حملا أي ولا تتساهل في الحمل والسماع بحيث تخل بما عليك في ذلك فالمتساهل مردود كما تقدم في الفصل الثاني عشر من معرفة من تقبل روايته ومن ترد .
واعمل بما تسمع ببلدك وغيرها من الأحاديث التي يسوغ العمل بها