ولأنه كما يروي في حديث مرفوع عن أبي هريرة عند أحمد الطبراني وغيرهم مثل الذي يتعلم علما ثم لا يحدث به كمثل من رزقه الله مالا فكثره ولم ينفق منه وفي لفظ عن ابن عمر رفعه علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه وقال مالك بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة يعني عن تبليغهم كما يسأل الأنبياء ورؤي يزيد بن هارون في النوم فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي قيل بأي شيء قال بهذا الحديث الذي نشرته في الناس .
والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة .
ولذا كان عروة يتألف الناس على حديثه وكان المحب الصامت من المتأخرين الذين أخذنا أصحابهم يطوف على أبناء المكاتب فيحدثهم بل رحل جماعة من بلادهم إلى بلاد أخرى لذلك منهم أبو علي حنبل الرصافي فإنه سافر من بغداد إلى الشام بقصد خدمة رسول الله A ورواية أحاديثه في بلد تروى هم وحدث لمسند أحمد فاجتمع بمجلسه لهذه النية الصالحة من الخلائق ما لم يجتمع في مجلس قبله بدمشق كما قاله الذهبي .
وكذا كان محمد بن عبد الرحمن أبو جعفر البغدادي الصيرفي وهو من الدين على نهاية يسأل من يقصده عن مدينة بعد مدينة هل بقي فيها من يحدث فإذا علم خلو بلد عن محدث خرج إليها في السر لرغبته في بذل الحديث فحدثهم ثم رجع حكاه الخطيب في ترجمته من تاريخه .
قال ابن دقيق العيد ومن أحسن ما يقصد في هذا العلم شيئان أحدهما تبعد بكثرة الصلاة على النبي A كلما تكرر ذكره ويحتاج ذلك أن يكون مقصودا عند اللفظ ولا يخرج على وجه العادة والثاني قصد الانتفاع والنفع للغير كما قال ابن المبارك وقد استكثر كثرة الكتابة منه لعل الكلمة التي فيها نجاتي لم أسمعها إلى الآن