وقال لبعض المتأخرين وإنما اقتصر على هذين لما قل الاحتياج إلى علم الحديث لتدوين الأحاديث في الكتب وانقطاع الاجتهاد غالبا والآية العظمى حفظ الشريعة المظهرة على المكلفين بها ومن أعظم فوائده الآن شيئان أحدهما ضبط ألفاظ النبي A بتكرار سماعها إذ لو ترك السماع لبعد العهد بها وتطرق التحريف لها كما جرى في بلاد العجم فقد بلغنا أن بعض كبار ملوكهم أراد أن يقرأ عنده صحيح البخاري فلم يجد في مملكته من يحسن ذلك فاجتمع علماء ذلك المصر على قراءته وصار يقع منهم من التحريف في الأسماء واللغات ما لا يحصى .
ثانيهما حفظ السنة من أعدائها المدخلين فيها ما ليس منها فقد اقتحم كثير من الناس أمرا عظيما ونسبوا إلى النبي A ما ينبو السمع عنه فلولا أن الله حفظ الشريعة بنقاد الحديث لاضمحل الدين وتهدمت أركانه ولولا بقايا من علماء الحديث لوقع من الكذب عليه والتحريف لكلامه ما لله به عالم .
ويستحب أن يكون الرواية بعد العمل بالمروي لقول الثوري تعلموا هذا الحديث فإذا علمتموه فتحفظوه فإذا حفظتموه فاعلموا به فإذا عملتم به فانشروه بل يروى في المعنى مما هو مرفوع من الصدقة أن يتعلم الرجل العلم فيعمل به ثم يعلمه .
ثم عند إرادتك نشرك الحديث بالنية الصحيحة إن شاء الله توضأ وضوءك للصلاة واغتسل اغتسالك من الجنابة بحيث تكون على طهارة كاملة وتسوك وقص أظفارك وخذ شاربك واستعمل مع ذلك طيبا وبخورا في بدنك وثيابك فقد قال أنس كنا نعرف خروج رسول الله A بريح الطيب وقال ابن عمر كان رسول الله A يستجمر بالألوة غير الطراة وكافور بطرحه معها وكذا استعمل معه تسريحا للحيتك