بتصديقه إياه من غير فكر وروية وانصرفوا واثقين على ثلج من الصدور وهذا ليس قياسا وإنما أثبتناه مثلا وإيناسا وإلا فإظهار المعجزة على شرطها بهذه المثابة يفيد العلم بصدقة ضرورة من غير احتياج إلى نظر .
فإن قيل أيتصف الرب سبحانه وتعالى بالاقتدار على أن يظهر على يد كذاب مع ما يعتقد في العقيدة من أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء قلت معتقدي وجوب وصف الرب سبحانه بهذا لا محالة .
فإن قيل فما المانع من وقوع ذلك وكل مقدور ممكن الوقوع وإنما لا يقع خلاف المعلوم من حيث علمناه معلوما فبأي مسلك يتوصل إلى أن من يعتقد صادقا هو كذلك وما يؤمن كونه كذابا ومراد الباري سبحانه وتعالى يعضده بخوارق العادات إظهارا للضلالات وإغواء للخلق وهذا لا يليق بقدر هذا الكتاب ولكن إذا انتهى الكلام إليه نثبت بديعة شافية .
ونقول قد أجرينا في أدراج الكلام أن المعجزات تجرى مجرى قرائن الأحوال والرب سبحانه وتعالى قادر على ألا يخلق لنا العلم الضروري بخجل الخجل عند ظهور قرائن الأحوال بل هو قادر على أن يخلق عندها الجهل ولكن تجويز ذلك لا يغض من يقيننا بالعلم الحاصل ولو فرض خرق هذه العادة لعدم العاقل مذاق هذا العلم .
وكذلك لو فرضنا ظهور المعجزة على حقها لحصل العلم ضروريا عندها مع سبق العلم بالصانع واعتقاد أنه المقتدر بقدرته على هذا الفن كقدرته