على كل شيء وما أتى منكر لصدق نبي حق إلا من جهات منها التردد في إثبات صانع مختار ومنها اعتقاد الواقع تخييلا ومنها اعتقاده موصولا إليه بالغوص على العلوم والإحاطة بالخواص فأما من لم تخطر له هذه الفنون وهدى للحق الواضح واعتقد أن المعجزة فعل الله ولا يتوصل إلى مثلها محتال وقد وقعت على موافقة الدعوى فإنه لا يستريب مع ذلك في صدق من ظهرت عليه المعجزة ولو خرق الله سبحانه وتعالى العادة في إظهارها على أيدي الكذابين لانسلت العلوم عن الصدور كما سبق تمثيله في قرائن الأحوال .
65 - ونقول بعد هذين الأصلين الأصل في السمعيات كلام الله تعالى وهو مستند قول النبي A ولكن لا يثبت عندنا كلام الله تعالى إلا من جهة من يثبت صدقه بالمعجزة إذا أخبر عن كلام الله تعالى فمال السمع إلى كلام الله تعالى وهو متلقى من جهة رسول الله A ومستند الثقة بالتلقي منه ثبوت صدقه والدال على صدقة المعجزة والمعجزة تدل من جهة نزولها منزلة التصديق بالقول وذلك مستند إلى اطراد العرف في إعقاب القرائن للعلم وثبوت العلم بأصل الكلام لله تعالى يدل عليه وجوب اتصاف العالم بالشيء بالنطق الحق الصدق عما هو عالم به فإذا ذكرنا في مراتب السمعيات الكتاب فهو الأصل وإذا ذكرنا السنة فمنها تلقى الكتاب والأصل الكتاب فأما الإجماع فقد أسنده معظم العلماء إلى نص الكتاب وذكروا قول الله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين الآية وهذا عندنا ليس على رتبة الظاهر فضلا عن ادعاء منصب النص فيها وإنما يتلقى الإجماع من أمر متعلق بالعادة أولا فإن علماء الدهر إذا قطعوا أقوالهم جزما في مظنون وعلم استحالة التواطؤ منهم فالعرف يقضى باستناد اعتقادهم واتفاقهم إلى خبر مقطوع به عندهم وسيأتي