فصل والمسألة الثالثة : أن هذه الآية يشكل معناها .
والمسألة الثالثة : أن هذه الآية يشكل معناها مع قوله تعالى : { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة } الآية فإن الله أخبر عن نبي من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام أنه حرم على نفسه حلالا ففيه دليل لجواز مثله .
والجواب : أنه لا دليل في الآية لأن ما تقدم يقرر أن لا تحريم في الإسلام فيبقى ما كان شرعا لغيرنا منفيا عن شرعنا كما تقرر في الأصول .
خرج القاضي إسماعيل وغيره عن ابن عباس Bهما : .
أن إسرائيل النبي يعقوب عليه السلام أخذه عرق النسا فكان يبيت عليه زقاء فجعل عليه إن شفاه الله ليحرمن عليه العروق وذلك قبل نزول التوراة قالوا : فلذلك نسل اليهود لا يأكلونها وفي رواية : جعل على نفسه أن لا يأكل لحوم الإبل ـ قال ـ فحرمته اليهود .
وعن الكلبي أن يعقوب عليه السلام قال : .
إن الله شفاني لأحرمن أطيب الطعام والشراب ـ أو قال : ـ أحب الطعام أو الشراب إلى فحرم لحوم الإبل وألبانها .
قال القاضي : الذي نحسب ـ والله أعلم ـ أن إسرائيل حين حرم على نفسه من الحلال ما حرم لم يكن في ذلك الوقت منهيا عن ذلك وأنهم كانوا إذا حرموا على أنفسهم شيئا من الحلال لم يجز لهم أن يفعلوه حتى نزلت كفارة اليمين قال الله تعالى : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } .
والحالف إذا حلف على شيء ولم يقل : إن شاء الله كان بالخيار إن شاء فعل وكفر وإن شاء لم يفعل قال : وهذه الأشياء وما أشبهها من الشرائع يكون فيها الناسخ والمنسوخ فكان الناسخ في هذا قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } قال : فلما وقع النهي لم يجز للإنسان أن يقول : الطعام علي حرام وما أشبه ذلك من الحلال فإن قال إنسان شيئا من ذلك كان قوله باطلا وإن حلف على ذلك بالله كان له أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه