فصل ويتعلق بهذا الموضع مسائل إحداها أن تحريم الحلال .
ويتعلق بهذا الموضع مسائل .
إحداها : أن تحريم الحلال وما أشبه ذلك يتصور في أوجه .
الأول : التحريم الحقيقي وهو الواقع من الكفار كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وجيمع ما ذكر الله تعالى تحريمه عن الكفار بالرأي المحض ومنه قوله تعالى : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب } وما أشبهه من التحريم الواقع في الإسلام رأيا مجردا .
الثاني : أن يكون مجرد ترك لا لغرض بل لأن النفس تكرهه بطبعها أو لا تكرهه حتى تستعمله أو لا تجد ثمنه أو تشتغل بما هو آكد وما أشبه ذلك ومنه ترك النبي A لأكل الضب لقوله فيه : .
[ إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ] ولا يسمى مثل هذا تحريما لأن التحريم يستلزم القصد إليه وهذا ليس كذلك .
الثالث : أن يمتنع لنذره التحريم أو ما يجري مجرى النذر من العزيمة القاطعة للعذر كتحريم النوم على الفراش سنة وتحريم الضرع وتحريم الادخار لغد وتحريم اللين من الطعام واللباس وتحريم الوطء والاستلذاذ بالنساء في الجملة وما أشبه ذلك .
الرابع : أن يحلف على بعض الحلال أن لا يفعله ومثله قد يسمى تحريما .
قال إسماعيل القاضي : إذا قال الرجل لأمته : والله لا أقربها فقد حرمها على نفسه باليمين فإذا غشيها وجبت عليه كفارة اليمين وأتى بمسألة ابن مقرن في سؤاله ابن مسعود Bه إذ قال : إني حلفت أن لا أنام على فراشي سنة ـ قال ـ فتلا عبد الله : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } الآية وقال له : كفر عن يمينك ونم على فراشك .
فأمره أن لا يحم ما أحل الله له وأن يكفر من أجل اليمين .
فهذا الإطلاق يقتضي أنه نوع من التحريم وله وجه ظاهر فقد أشار إسماعيل إلى أن الرجل كان إذا حلف أن لا يفعل شيئا من الحلال لم يجز له أن يفعله حتى نزلت كفارة اليمين لأجل ما كان قبل من التحريم ولما وردت الكفارة سمي تحريما ومن ثم ـ والله أعلم ـ سميت كفارة