المسألة الثامنة أنه لما تبين أنهم لا يتعينون فلهم خواص وعلامات يعرفون بها وهي على قسمين : علامات إجمالية وعلامات تفصيلية فأما الإجمالية فثلاث إحداها : الفرقة التي نبه عليها قوله تعالى : ولا تكونوا كالذين تفرقوا .
أنه لما تبين أنهم لا يتعينون فلهم خواص وعلامات يعرفون بها وهي على قسمين : .
علامات إجمالية وعلامات تفصيلية .
فأما العلامات الإجمالية فثلاث .
إحداها : الفرقة التي نبه عليها قوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } وقوله تعالى : { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } روى ابن وهب عن إبراهيم النخعي أنه قال : هي الجدال والخصومات في الدين وقوله تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } وفي الصحيح عن أبي هريرة Bه قال : قال رسول الله A : [ إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وصدق الحديث ] .
وهذا التفريق ـ كما تقدم ـ إنما هو الذي يصير الفرقة الواحدة فرقا والشيعة الواحدة شيعا .
قال بعض العلماء : صاروا فرقا لاتباع أهوائهم وبمفارقة الدين تشتت أهواؤهم فافترقوا وهو قوله تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } ثم برأه الله منهم بقوله : .
{ لست منهم في شيء } وهم أصحاب البدع وأصحاب الضلالات والكلام فيما لم يأذن الله فيه ولا رسوله .
قال : ووجدنا أصحاب رسول الله A من بعده قد اختلفوا في أحكام الدين ولم يتفرقوا ولا صاروا شيعا لأنهم لم يفارقوا الدين وإنما اختلفوا فيما أذن لهم من اجتهاد إلى الرأي والإستنباط من الكتاب والسنة فيما لم يجدوا فيه نصا واختلف في ذلك أقوالهم فصاروا محمودين لأنهم اجتهدوا فيما أمروا به كاختلاف أبي بكر وعمر وعلي وزيد في الجد مع الأم وقول عمر وعلي في أمهات الأولاد وخلافهم في الفريضة المشتركة وخلافهم في الطلاق قبل النكاح وفي البيوع وغير ذلك فقد اختلفوا فيه وكانوا مع هذا أهل مودة وتناصح وأخوة الإسلام فيما بينهم قائمة فلما حدثت الأهواء المردية التي حذر منها رسول الله A وظهرت العداوات وتحزب أهلها فصاروا شيعا دل على أنه إنما حدث ذلك من المسائل المحدثة التي ألقاها الشيطان على أفواه أوليائه .
قال : كل مسألة حدثت في الإسلام واختلف الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام وكل مسألة حدثت وطرأت فأوجبت العداوة والبغضاء والتدابر والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء وأنها التي عنى رسول الله A بتفسير الآية .
وذلك ما روي عن عائشة Bها قالت : [ قال رسول الله A : يا عائشة { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } من هم ؟ ـ قلت : الله ورسوله أعلم قال : هم أصحاب الأهواء وأصحاب البدع وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ] الحديث الذي تقدم ذكره .
قال : فيجب على كل ذي عقل ودين أن يجتنبها ودليل ذلك قوله تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } فإذا اختلفوا وتعاطوا ذلك كان لحدث أحدثوه من اتباع الهوى .
هذا ما قاله وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين وهذه الخاصية قد دل عليها الحديث المتكلم عليه وهي موجودة في كل فرقة من الفرق المتضمنة في الحديث .
ألا ترى كيف كانت ظاهرة في الخوارج الذين أخبر بهم النبي A في قوله : [ يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ] : وأي فرقة توازي هذه الفرقة التي بين أهل الإسلام وأهل الكفر ؟ وهي موجودة في سائر من عرف من الفرق أو ادعي ذلك فيهم إلا أن الفرقة لا تعتبر على أي وجه كانت لأنها تختلف بالقوة والضعيف .
وحيث ثبت أن مخالفة هذه الفرق من الفروع الجزئية باب الفرقة فلا بد يجب النظر في هذا كله