الخاصية الثانية هي التي نبه عليها قوله تعالى : فأما الذين في قلوبهم زيغ الآية .
هي التي نبه عليها قوله تعالة : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه } الآية فبينت الآية أن أهل الزيغ يتبعون متشابهات القرآن وجعلوا ممن شأنه أن يتبع المتشابه لا المحكم ومعنى المتشابه : ما أشكل معناه ولم يبين مغزاه سواء كان من المتشابه الحقيقي ـ كالمجمل من الألفاظ وما يظهر من التشبيه ـ أو من المتشابه الإضافي وهو ما يحتاج في بيان معناه الحقيقي إلى دليل خارجي وإن كان في نفسه ظاهر المعنى لبادي الرأي كاستشهاد الخوارج على إبطال التحكيم بقوله : { إن الحكم إلا لله } فإنظاهر الآية صحيح على الجملة وأما على التفصيل فمحتاج إلى البيان وهو ما تقدم ذكره لابن عباس Bهما لأنه بين أن الحكم لله تارة بغير تحكيم لأنه إذا أمرنا بالتحكيم فالحكم به حكم الله .
وكذلك قولهم : قاتل ولم يسب فإنهم حصروا التحكيم في القسمين وتركوا قسما ثالثا وهو الذي نبه قوله تعالى : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي } الآية فهذا قتال من غير سبي لكن ابن عباس نبههم على وجه أظهر وهو أن السباء إذا حصل فلا بد من وقوع بعض المقاتلين على أم المؤمنين وعند ذلك يكون حكمها حكم السبايا في الانتفاع بها كالسبايا فيخالفون القرآن الذي ادعوا التمسك به .
وكذلك في محو الإسم من إمارة المؤمنين اقتضى عندهم أنه إثبات لإمارة الكافرين وذلك غير صحيح لأن نفي الإسم منها لا يقتضي نفي المسمى .
وأيضا : فإن فرضنا أنه يقتضي نفي المسمى لم يقتض إثبات إمارة أخرى فعارضهم ابن عباس بمحو النبي A إسم الرسالة من الصحيفة معارضة لا قبل لهم بها ولذلك رجع منهم ألفان ـ أو من رجع منهم ـ .
فتأملوا وجه اتباع المتشابهات وكيف أدى إلى الضلال والخروج عن الجماعة ولذلك قال رسول الله A : .
[ فإذا رأيتم الذي يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ]