الثاني أنه وإن أراد بها الكبيرة فيحتمل أنه أراد بها الأمة والمكاتبة .
الثالث أنه يحتمل أنه أراد ببطلان النكاح مصيره إلى البطلان غالبا بتقدير اعتراض الأولياء عليها إذا زوجت نفسها من غير كفوء .
وهذه التأويلات مما لا يمكن المصير إليها في صرف هذا العموم القوي المقارب للقطع عن ظاهره .
أما الحمل على الصغيرة فمن جهة أنها لا تسمى امرأة في وضع اللسان ولأن النبي A حكم بالبطلان ونكاح الصغيرة لنفسها دون إذن وليها صحيح عندهم موقوف على إجازة الولي .
وأما الحمل على الأمة فيدرأه قوله A فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها ومهر الأمة ليس لها بل لسيدها .
وأما الحمل على المكاتبة فبعيد أيضا من جهة أنها بالنسبة إلى جنس النساء نادرة واللفظ المذكور من أقوى مراتب العموم وليس من الكلام العربي إطلاق ما هذا شأنه وإرادة ما هو في غاية الندرة والشذوذ ولهذا فإنه لو قال السيد لعبده أيما امرأة لقيتها اليوم فأعطها درهما وقال إنما أردت به المكاتبة كان منسوبا إلى الإلغاز في القول وهجر الكلام .
وعلى هذا فلا نسلم صحة الاستثناء بحيث لا يبقى غير الأقل النادر من المستثنى منه كما سبق تقريره ولا فرق بين البابين .
وأما حمل بطلان النكاح على مصيره إلى البطلان فبعيد من وجهين الأول أن مصير العقد إلى البطلان من أندر ما يقع والتعبير باسم الشيء عما يؤول إليه إنما يصح فيما إذا كان المآل إليه قطعا كما في قوله تعالى { إنك ميت وإنهم ميتون } ( 39 ) الزمر 30 ) أو غالبا كما في تسمية العصير خمرا في قوله تعالى { أراني أعصر خمرا }