ولا تجزى إلا بالقصد إليه تأدية العمل المأمور به فيها وإلا فلا وأما كل نجاسة أمرنا باجتنابها فقط دون أن يجد لنا فيها عمل أو عدد فكيف ما زالت فقد زالت وقد اجتنبناها وأيضا فإنه لولا الإجماع ما أجزنا ذلك ههنا .
وأيضا فإن لباس الثوب النجس حلال إلا في الصلاة وفرض الصلاة أن يصلي قاصدا بنيته إلى لباس وثياب طاهرة عنده لا نجاسة فيه فإذا صلى في ثوب هذه صفته ناويا لذلك فقد أدى فرضه كما أمر بالنية التي أمر بها وليس غسلها فرضا لا يجزي سواه بل لو قطعها أو انقطع موضعها من ثوبه أو لبس ثوبا آخر أجزأه فحسبنا أن يكون الثوب طاهرا لا نجاسة فيه ولا نبالي كيف زالت النجاسة عنه ولا فرق بين إجازة مالك النية للصوم لرمضان في أول ليلة منه ويجزي ذلك عنده من تحديد النية كل ليلة وبين إجازة أبي حنيفة إحداث النية لصيام كل يوم من رمضان قبل زوال الشمس وإن لم ينوه من الليل ولا فرق بين تقديم النية قبل وقت العمل وبين تأخيرها عن وقت العمل وفي كلا الوجهين يحصل العمل المأمور به مؤدى بلا نية مصاحبة له ولا يجوز أن يؤدى عمل إلا بنية متقدمة يتصل بها ومعها الدخول فيه بلا مهلة ولا يعرى الابتداء به منها .
ولو أمكن ذلك في الصوم حتى تكون النية متصلة بطلوع الفجر لما أجزأ غير ذلك ولكن لما كان ذلك غير ممكن في كل وقت أجزأ ذلك على قدر الطاقة هذا مع الحديث الوارد في هذا المعنى من طريق حفصة لا صيام لمن لم يبيته من الليل وبالله تعالى التوفيق .
ولا بد لكل عمل من نية وكل شيء يتصرف فيه المرء فلا يخلو من أحد وجهين إما حركة وإما إمساك عن حركة وإنما يفرق بين الطاعة من هذين الوجهين وبين المعصية منهما وبين اللغو منهما النيات فقط ولا فرق بين الطاعة والمعصية واللغو في الحركات والإمساك عن الحركات إلا بالنيات فقط وإلا فكل واحد فهو إما واقع تحت جنس الحركة وإما واقع تحت جنس الإمساك عن الحركة .
فوجب بالضرورة أن لا يتم عمل ولا يصح أن يكون حركة أو إمساك متوجهين إلى الطاعة المأمور بها .
خارجين عن المعصية وعن اللغو إلا بنية .
هذا أمر لا محيد عنه أصلا إلا لجاهل لا معرفة له بحقائق الأمور