فمن صلى بنية رياء ففاسق عاص ومن صلى بنية الطاعة التي أمر بها فمطيع فاضل ومن ركع وسجد وقام وقعد لا بنية رياء ولا بنية الطاعة فذلك لغو وليس مطيعا ولا عاصيا ومن توضأ بنية الرياء ففاسق عاص ومن توضأ بنية الطاعة كما أمر فمطيع فاضل ومن غسل أعضاءه تبردا بلا نية طاعة ولا بنية رياء فليس مطيعا ولا عاصيا وإذا لم يكن مطيعا فلم توضأ الوضوء الذي هو طاعة الله D مأمور به .
وكذلك الصوم والحج والجهاد والزكاة لأن الصوم إنما هو إمساك عن الأكل والشرب والوطء والقيء والكذب والغيبة ومباشرة من لا يحل للمرء مباشرته فإن أمسك عن كل ذلك بنية الرياء فهو عاص لله D فاسق غير صائم وإن أمسك عن كل ذلك بنية الطاعة في تركه كما أمر فهو مطيع فاضل صائم .
وإن أمسك عن كل ذلك لا بنية الرياء ولا بنية الطاعة كما أمر فليس مطيعا ولا عاصيا وإذا لم يكن كذلك فليس صائما وإذا لم يمسك بنية الطاعة عن ذلك في صوم الفرض في الوقت الذي أمر فيه بالإمساك عن كل ما ذكرنا فهو عاص لأنه خالف ما أمر به وهكذا القول في رمي الجمار والوقوف بعرفة والمزدلفة والطواف والسعي .
وكذلك سائر الأشياء كلها .
فمن أكل الشعير مؤثرا بالبر المساكين ناويا للبر في ذلك ففاضل محمود ومن أكله لؤما وبخلا وخزن البر مستكثرا للمال .
فمذموم آثم ومن مشى راجلا وحمل متاعه بيده تواضعا لله تعالى لا بخلا ولا دناءة وتصاون عن الخسائس مع ذلك وتصدق ناويا بكل ذلك ما ذكرنا فهو فاضل محمود ومن فعل ذلك بخلا ودناءة فمذموم وإن فعل بنية رياء ففاسق ومن أنكح بنته عبده أو علجا كما فعل ضرار بن عمرو تواضعا ونيته التسوية بين المسلمين وهو مع ذلك عزيز النفس غير طمع ولا جشع ففاضل محمود عند أهل العقول رائض لنفسه الغضبية ومن فعل ذلك طمعا أو مهانة نفس فمذموم ساقط ومن لبس الوشي المرتفع الذي ليس حريرا بنية الاقتداء بالنبي A فمأجور فاضل ومن لبسه بنية التخنث والأشر والإعجاب ففاسق مذموم وهكذا جميع الأعمال أولها عن آخرها فصح أن لا عمل أصلا إلا بنية كما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق