لمنافقين في شهادتهم أن محمدا رسول الله .
وهذا عين الحق وعنصره الذي لا يتم حق إلا به فلما كانوا غير ناوين لذلك القول بقلوبهم صاروا كاذبين فيه وهذا بيان جلي في بطلان كل قول وعمل لم ينو بالقلب ونحن نحكي أقوال الكفار ونتلوها في القرآن ولكنا لم ننوها بقلوبنا لم يضرنا ذلك شيئا وصح بنص الحديث على رسول الله A أن التقوى في القلب فكل عمل لم يقصده القلب فليس تقوى وكل عمل لم يقصد بالمضغة التي بها يصلح الجسد فهو باطل وإن عمله الجسد وفي هذا كفاية .
على أن القائلين بخلاف قولنا يتناقضون أقبح تناقض فمن مفرق بين التيمم والوضوء ومن مفرق في النية في الصوم بين أول النهار وآخره ومن مفرق في الحج بين الإحرام وبين سائر فرائضه كل ذلك استطالة في الدين بالآراء الفاسدة والأهواء المضلة بلا دليل من الله تعالى فإن قال قائل منهم إنما أمر الله تعالى بغسل أعضاء الوضوء فغاسلها وإن لم تكن له نية قد غسلها قيل له وبالله تعالى التوفيق ما أمر الله تعالى قط بغسلها مجردا عن النية بذلك للصلاة وبيان ذلك في الآيتين اللتين ذكرنا .
وفي الحديثين اللذين نصصنا وأيضا فإن الصلاة حركات من وقوف وانحناء ووضع رأس بالأرض فإن فعل ذلك إنسان متمددا ومتأملا شيئا بين يديه ومستريحا حتى أتم بذلك ركعتين في وقت صلاة الصبح لا ينوي بذلك صلاة الصبح أتروه يجزيه ذلك من صلاة الصبح المفترضة عليه وهذا ما لا يقولونه فقد حصلوا على التناقض .
فإن احتجوا في الصيام بما روي أنه A كان يدخل على عائشة فيقول أعندكم طعام فإن قالت لا .
قال إني صائم قيل لهم وبالله تعالى التوفيق .
لا حجة لكم في ذلك لأنه ليس فيه نص على أنه A استأنف الصوم من حينئذ وجائز أن يكون A سأل هل عندكم طعام وهو قد نوى الصيام فلو وجد طعاما أفطر عليه وترك الصوم كما روى من طريق عائشة أنها قربت إليه طعاما فأكل وقال A إني كنت أصبحت صائما وهذا جائز لنا نحن أيضا وأما عمل بلا نية فلا سبيل إليه لما قدمنا قبل .
فإن قالوا فإنكم تجيزون غسل النجاسة بلا نية فالجواب وبالله تعالى التوفيق إن كل نجاسة أمر رسول الله A بإزالتها بعمل موصوف وبعدد محدود فلا بد في إزالتها من النية