فصح أن الشبه لا معنى له في إيجاب استواء الأحكام البتة وبطل قولهم إننا علمنا انكسار ما بأيدينا من البيض لشبهها بما شاهدنا انكساره منها وصح أنه من أجل الشبه بينهما وجب انكسار هذه كانكسار تلك .
وإنما الذي يصح بهذا فهو قولنا إن كل ما كان تحت نوع واحد فحكمه مستو وسواء اشتبها أو لم يشتبها .
فقد علمنا أن العنب الأسود الضخم المستطيل أو المستدير أشبه بصغار عيون البقر الأسود منه بالعنب الأبيض الصغير لكن ليس شبهه به موجبا لتساويهما في الطبيعة ولا بعده عن مشابهة العنب بموجب لاختلافهما في الطبيعة فبطل حكم التشابه جملة وصح أن الحكم للاسم الواقع على النوع الجامع لما تحته .
وهكذا قلنا نحن إن حكمه A في واحد من النوع حكم منه في جميع النوع وأما القياس الذي ننكر فهو أن يحكم لنوع لا نص فيه بمثل الحكم في نوع آخر قد نص فيه كالحكم في الزيت تقع فيه النجاسة بالحكم في السمن يقع فيه الفأر وما أشبه هذا فهذا هو الباطل الذي ننكره وبالله التوفيق .
ومعرفة المرء بأول طبيعته لا ينكرها إلا جاهل أو مجنون فنحن نجد الصغير يفر عن الموت وعن كل شيء ينكره وعن النار وإن كان لم يحترق قط ولا رأى محترقا وعن الإشراف على المهواة ونجده يضرب بيده إذا غضب وهو لا يعلم أن الضرب يؤلم ويعض بفمه قبل نبات أسنانه وهو لم يعضه قط أحد فيدري ألم العض .
نعم حتى نجد ذلك في الحيوان غير الناطق فنجد الصغير من الثيران ينطح برأسه قبل نبات قرنيه والصغير من الخنازير يشتر بفمه قبل كبر ضرسه والصغير من الدواب يرمح قبل اشتداد حافره وهذا كثير جدا .
فبمثل هذا الطبع علمنا أن كل رخص المجسمة فإنه يتغير بانكسار أو تبدل شكل إذا لاقى جسما صليبا وبه علمنا أن كل نار في الأرض وفيما تحت الفلك فهي محرقة لا بالقياس البارد الفاسد وليس هذا في شيء من الشرائع البتة بوجه من الوجوه لأنه لم تكن النار قط منذ خلقها الله تعالى إلا محرقة حاشا نار إبراهيم لإبراهيم عليه السلام وحده لا لغيره بالنص الوارد فيها ولم يجز أن يقاس عليها غيرها ولا كانت البيضة قط إلا متهيئة للانكسار إذا لاقت شيئا صلبا وقد كان البر بالبر حلالا متفاضلا برهة من