الدهر وكذلك كل شيء من الشريعة واجب فقد كان غير واجب حتى أوجبه النص وغير حرام حتى حرمه النص فليست ههنا شيء أن يجب أن يقاس عليه ما لم يأت بإيجابه نص ولا تحريم أصلا وبالله تعالى التوفيق .
واحتجوا بأن قالوا إن علمنا بما في داخل هذه الجوزة والرمانة على صفة ما إنما هو قياس على ما شاهدنا من ذلك وإلا فلعل داخلهما جوهر أو شيء مخالف لما عهدناه وكذلك أن في رؤوسنا أدمغة وفي أجوافنا مصرانا وأن هذا الصبي لم تلده حمارة وأن الأحياء يموتون إنما علمنا ذلك قياسا على ما شاهدنا .
قال أبو محمد وهذا من أبرد ما موهوا به وما علم قط ذو عقل أن من أجل علمنا بأن ما في داخل هذه الرمانة كالذي في داخل هذه وأن في أجوافنا مصرانا وفي رؤوسنا أدمغة وأن الناس لم تلدهم الأتن وأن الأحياء يموتون علمنا أن الزيت ينجس إذا مات فيه عصفور ولا ينجس إذا مات فيه مائة عقرب وأن التمرة بالتمرة حرام والتفاحة بالتفاحة حلال .
وأن البئر إذا مات فيها سنور نزح منها أربعون دلوا فإن سقط فيها نقطة بول نزحت كلها .
وأن من مس دبره انتقض وضوءه وأن من مس أنثييه لم ينتقض وضوءه وهل بين هذه الوجوه والتي قبلها تشبيه .
وإن المشبه بين هاتين الطريقتين لضعيف التمييز وتلك أمور طبيعية ضرورية تولى الله D إيقاعها في القلوب .
لا يدري أحد كيف وقع له علمها .
وهذه الأخر إما دعاوى لا دليل عليها وإما سمعية لم تكن لازمة ثم ألزم الله منها بالنص لا بالكهانة ولا بالدعوى .
ونحن نجد الصغير الذي لم يحب بعد وإنما هو حين هم أن يجلس إذا رأى رمانة قلق وشره إلى استخراج ما فيها وأكلها .
وكذلك الجوز وسائر ما يأكله الناس فليت شعري متى تعلم هذا الصبي القياس بأن ما في هذه الرمانة كالتي أطعمناه عام أول أو قبل هذا بشهر .
ولقد كان ينبغي لهم أن يعرفوا على هذا أحكام القياس بطبائعهم دون أن يأخذوها تقليدا عن أسلافهم .
ولو أنهم تدبروا العالم وتفكروا في طبائعه وأجناسه وأنواعه وفصوله وخواصه