وهذا هو الذي ننكره نحن سواء بسواء فخرج هذا الخبر لو صح من أن يكون له في القياس مدخل أو أثر أو معنى والحمد لله رب العالمين .
ثم قد روينا عن علي أنه كان لا يرى قتل اثنين بواحد فلو قاله لكان قد تركه ورجع عنه ورآه باطلا من الحكم .
فهذا كل ما ذكروه مما روي عن الصحابة قد بيناه بأوضح بيان بحول الله تعالى وقوته أنه ليس لهم في شيء منه متعلق وهو أنه إما شيء بين الكذب لم يصح وإما شيء لا مدخل للقياس فيه البتة .
فإذا الأمر كما ترون ولم يصح قط عن أحد من الصحابة القول بالقياس وأيقنا أنهم لم يعرفوا قط العلل التي لا يصح القياس إلا عليها عند القائل به فقد صح الإجماع منهم Bهم على أنهم لم يعرفوا ما القياس وبأنه بدعة حدثت في القرن الثاني ثم فشا وظهر في القرن الثالث كما ابتدأ التقليد والتعليل للقياس في القرن الرابع وفشا وظهر في القرن الخامس .
فليتق الله امرؤ على نفسه وليتداركها بالتوبة والنزوع عمن هذه صفته فحجة الله تعالى قد قامت باتباع القرآن والسنة وترك ما عدا ذلك من القياس والرأي والتقليد .
ولقد كان من بعض الصحابة نزعات إلى القياس أبطلها رسول الله A نذكرها إن شاء الله تعالى في الدلائل على إبطال القياس إذا استوعبنا بحول الله تعالى وقوته كل ما اعترضوا به .
وبقيت أشياء من طريق النظر موهوا بها ونوردها إن شاء الله تعالى ونبين بعونه D بطلان تعلقهم وأنه لا حجة لهم في شيء منها كما بينا بتأييد الله تبارك وتعالى ما شغبوا به من القرآن وما موهوا به من كلام النبي A وما لبسوا به من الإجماع وما أوهموا به من آثار الصحابة وبالله تعالى التوفيق .
فمن ذلك أنهم قالوا إن القياس هو من باب الاستشهاد على الغائب بالحاضر فإن لم يستشهد بالحاضر على الغائب فلعل فيما غاب عنا نارا باردة .
قال أبو محمد هذه شغبية فاسدة فأول تمويههم ذكرهم الغائب والحاضر في باب الشرائع وقد علم كل مسلم أنه ليس في شيء من الديانة شيء غائب عن المسلمين وإنما بعث رسول الله A ليبين للناس دينهم اللازم لهم قال تعالى { بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون }