التخيير وبهذا يتبين فساد ما ذهب إليه الفريق الأول من أن الضد مسكوت عنه ولا تعويل على استدلالهم بالنهي عن قتل النفس لأنا نجعل ذلك بمنزلة التصريح بالكف عن قتل النفس لتحقيق موجب النهي والناس تكلموا في أن الأمر بالكف عن قتل النفس ما حكمه منهم من قال معنى الابتلاء لا يتحقق في مثل هذا لأن طبع كل واحد يحمله على ذلك ونيل الثواب في العمل بخلاف هوى النفس ليتحقق فيه الابتلاء .
قال Bه والأصح عندي أنه ينال به ثواب المطيعين عند قصد امتثال الأمر وإظهار الطاعة وهكذا نقول إذا ثبت ذلك بحكم النهي فأما إذا كان للمنهي عنه أضداد يستقيم التصريح بالإباحة في جميع الأضداد بأن تقول لا تسكن وأبحت لك التحرك من أي جهة شئت فعرفنا أنه لا موجب لهذا النهي في شيء من الأضداد وقول من يقول بأن مثل هذا النهي يكون أمرا بأضداده يؤدي إلى القول بأنه لا يتصور من العبد فعل مباح أو مندوب إليه فإن المنهي عنه محرم وأضداده واجب بالأمر الثابت بمقتضى النهي فكيف يتصور منه فعل مباح أو مندوب إليه وفي اتفاق العلماء على أن أقسام الأفعال التي يأتي بها العبد عن قصد أربعة واجب ومندوب إليه ومباح ومحظور دليل على فساد قول هذا القائل .
وأما الفريق الثالث فيقولون موجب النهي في ضده إثبات سنة تكون في القوة كالواجب لأن هذا أمر ثبت بطريق الدلالة فيكون موجبه دون موجب الثابت بالنص وعلى القول المختار يحتمل أن يكون مقتضيا هذا المقدار على قياس ما بينا في الأمر وكذلك إذا كان للمنهي عنه أضداد فإنه يثبت هذا القدر من المقتضي في أي أضداده يأتي به المخاطب ولهذا قلنا بأن النهي عن لبس المخيط في حالة الإحرام يثبت أن السنة لبس الإزار والرداء وذلك أدنى ما يقع به الكفاية من غير المخيط .
فأما قوله ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن فهو نسخ وليس بنهي بمنزلة قوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد وإنما كان هذا أمرا بالإظهار بواسطة أن الكتمان لم يبق مشروعا وهو نظير قوله لا نكاح إلا بشهود وقد