بينا تحقيق هذا المعنى فيما سبق فأما بيان فائدة الأصل المذكور في هذا الفصل من مسائل الفقه أن نقول لما كان الأمر مقتضيا كراهة الضد لم يكن ضده مفسدا للعبادة إلا أن يكون مفوتا لما هو واجب بصيغة الأمر ولكن يكون مكروها في نفسه فإن المأمور بالقيام في الصلاة إذا قعد لا تفسد صلاته لأنه لم يفت بهذا الضد ما هو الواجب بالأمر وهو القيام إذا أتى به بعد القعود ولكن القعود مكروه في نفسه ولكون النهي مقتضيا في ضده ما بينا من صفة السنة قلنا لا ينعدم بالضد ما هو موجب صيغة النهي فإن ركن العدة الامتناع من الخروج والتزوج ثبت ذلك بصيغة النهي قال تعالى ولا يخرجن وقال ولا تعزموا عقدة النكاح فإن فعلت ذلك لم ينعدم به مأمور ما هو ركن الاعتداد حتى تنقضي العدة بخلاف الكف في باب الصوم فإنه واجب بصيغة الأمر نصا قال تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل فينعدم الأداء بمباشرة الضد وهو الأكل وعلى هذا قلنا العدتان تنقضيان بمضي مدة واحدة لأن الكف في العدة ثابت بمقتضى النهي ولا تضايق فيما هو موجب النهي نصا وهو التحريم ولا يتحقق أداء الصومين في يوم واحد لتضايق الوقت في ركن كل صوم وهو الكف إلى وقت فإنه ثابت بالأمر نصا ولا يتحقق اجتماع الكفين في وقت واحد وعلى هذا قال أبو يوسف C من سجد في صلاته على مكان نجس ثم سجد على مكان طاهر جازت صلاته لأن المأمور به السجود على مكان طاهر ومباشرة الضد بالسجود على مكان نجس لا يفوت المأمور به فيكون مكروها في نفسه ولا يكون مفسدا للصلاة وعلى قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تفسد به الصلاة لأن تأدي المأمور به لما كان باعتبار المكان فما يكون صفة للمكان الذي يؤدى الفرض عليه يجعل بمنزلة الصفة له حكما فيصير هو كالحامل للنجاسة إذا سجد على مكان نجس والكف عن حمل النجاسة مأمور به في جميع الصلاة فيفوت ذلك بالسجود على مكان نجس كما أن الكف عن اقتضاء الشهوة لما كان مأمورا به في جميع وقت الصوم يتحقق الفوات بالأكل في جزء من الوقت فيه وعلى هذا قال أبو يوسف بترك القراءة في شفع من التطوع لا يخرج عن حرمة الصلاة لأنه مأمور بالقراءة في الصلاة وذلك نهي عن ضده اقتضاء فترك القراءة ما لم يكن مفوتا للفرض لا