والأول أصح وهو الظاهر من حال الأولين ولكن متى اطلع على الأوثق منهما فالأظهر أنه يلزمه تقليده دون الآخر كما وجب تقديم أرجح الدليلين وأوثق الروايين فعلى هذا يلزمه تقليد الاورع من العالمين والأعلم من الورعين فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع قلد الأعلم على الأصح والله أعلم .
الثانية في جواز تقليد الميت وجهان .
أحدهما لا يجوز لأن أهليته زالت لموته فهو كما لو فسق .
والصحيح الذي عليه العمل الجواز لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها ولهذا يعتد بها بعدهم في الإجماع والخلاف وموت الشاهد قبل الحكم لا يمنع من الحكم بشهادته بخلاف الفسق والقول بالأول يجر ضبطا في الأعصار المتأخرة .
الثالثة هل يجوز للعامي أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء لينظر إن كان منتسبا إلى مذهب معين بنينا ذلك على وجهين حكاهما القاضي حسين في أن للعامي هل له مذهب أولا .
أحدهما أنه لا مذهب له لأن المذهب إنما يكون لمن يعرف الأدلة فعلى هذا له أن يستفتي من شاء شافعي أو حنفي أو غيرهما .
والثاني وهو الأصح عند القفال المروزي أن له مذهبا لأنه اعتقد أن المذهب الذي انتسب إليه هو الحق ورجحه على غيره فعليه الوفاء بموجب إعتقاده ذلك فإن كان شافعيا لم يكن له أن يستفتي حنفيا ولا يخالف إمامه فقد ذكرنا في المفتي المنتسب ما يجوز له أن يخالف إمامه فيه وإن لم يكن قد انتسب إلى مذهب معين فنبني ذلك فيه على وجهين حكاهما ابن برهان في أن العامي هل يلزمه أن يتمذهب بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه