يجوز له استفتاء كل من اعتزى إلى العلم أو انتصب في منصب التدريس أو غيره من مناصب أهل العلم بمجرد ذلك ويجوز له استفتاء من تواتر بين الناس واستفاض فيهم كونه أهلا للفتوى .
وعند بعض أصحابنا المتأخرين إنما يعتمد قوله أنا أهل للفتوى لا يشهد له بذلك والتواتر لأن التواتر لا يفيد العلم إذا لم يستند إلى معلوم محسوس والشهرة بين العامة لا يوثق بها وقد يكون أصلها التلبيس .
ويجوز له أيضا استفتاء من أخبر المشهور المذكور عن أهليته ولا ينبغي أن يكتفي في هذه الازمان بمجرد تصديه للفتوى واشتهاره بمباشرتها لا بأهليته لها .
وقد أطلق الشيخ أبو إسحق الشيرازي وغيره أن يقبل فيه خبر العدل الواحد وينبغي أن يشترط فيه أن يكون عنده من العلم والبصر ما يميز به الملبس من غيره ولا يعتمد في ذلك على خبر احاد العامة لكثرة ما يتطرق إليهم من التلبيس في ذلك إذا عرفت هذا فإذا اجتمع إثنان أو أكثر ممن يجوز استفتاؤهم فهل يجب عليه الاجتهاد في أعيانهم والبحث عن الأعلم الأودع الأوثق ليقلده دون غيره فهذا فيه وجهان .
أحدهما وهو في طريقة العراق منسوب إلى أكثر أصحابنا وهو الصحيح فيها أنه لا يجب ذلك وله استفتاء من شاء منهم لأن الجميع أهل وقد أسقطنا الاجتهاد عن العامي .
والثاني يجب عليه ذلك وهو قول ابن سريج وإختيار القفال المروزي والصحيح عند صاحبه القاضي حسين لأنه يمكنه هذا القدر من الاجتهاد بالبحث والسؤال وشواهد الأحوال فلم يسقط عنه