مبحث في اجتماع ديات في شخص واحد .
قال الأئمة الأربعة : إذا اجتمعت ديات كثيرة في شخص واحد بجراحات متعددة بقطع أطراف وإبطال منافع مختلفة وهي كثيرة عده بعضهم إلى عشرين أو أكثر وقيل : أربعة عشر شيئا منها - عقل سمع بصر شم نطف صوت ذوق مضغ أمناء إحبال جماع إفضاء بطش مشي ذهاب شعر أو جلد وغير ذلك وتضاف إليها المواضح وسائر الشجاج والجوائف والحكومات والكسور فيجتمع شيء كثير من الجنايات على الإنسان . قد لا ينحصر .
فإذا أزال الجاني أطرافا من المجني عليه تقتضي ديات متعددة كقطع أذنين ويدين ورجلين وكذلك لطائف تقتضي ديات عدة كإبطال سمع وإبطال بصر وإبطال شم وإبطال ذوق وتعطيل نسل وغير ذلك . فإذا حصل شيء من هذا ومات المجني عليه بسبب السراية منها أو من بعضها ولم يندمل البعض فتجب على الجاني دية واحد وتتداخل الديات ويسقط بدل ما ذكر . لأنها صارت نفسا أما إذا مات المجني عليه بسراية بعضها بعد اندمال بعض آخر منها لم يدخل ما اندمل في دية النفس قطعا وكذا الحكم له جرحه جرحا خفيفا لا مدخل للسراية فيه ثم أجافة فمات بسراية الجائفة قبل اندمال ذلك الجرح فلا يدخل أرشه في دية النفس أما ما لا يقدر بالدية فيدخل أيضا وكذا لو قطع الجاني عنق المجني عليه قبل اندماله من الجراحة يلزمه دية واحدة للنفس في الأصح لأن دية النفس وجبت قبل استقرار ما عداها - فيدخل فيها بدله كالسراية .
وقيل : تجب ديات ما تقدم من أنواع الجراحة لأن السراية قد انقطعت بالقتل فأشبه أنقطاعها بالاندمال لأن الآدمي مضمون مقدر ولأن الثابت في ضمانه التقيد .
فإن كان الفعل مختلفا . كأن حز الرقبة عمدا والجنايات الحاصلة قبل الحز حصلت خطأ أو شبه عمد أو عكسه كأن حزه خطأ والجنايات وقعت عمدا أو شبه عمد فلا تداخل لشيء مما دون النفس فيها في الأصح من المذاهب بل يجب دية الطرف والنفس لاختلافهما واختلاف من تجب عليه فلو قطع يديه ورجليه خطأ أو شبه عمد ثم قطع رقبته عمدا أو قطع هذه الأطراف عمدا ثم حز الرقبة خطأ أو شبه عمد وعفا الأول في العمد على ديته وجبت في الصورة الأولى دية خطأ أو شبه عمد ودية عمد : وفي الصورة الثانية ديتا عمد ودية خطا وقيل : تسقط الديات فينهما .
ولو حز الرقبة غير الجاني المتقدم تعددت الديات لأن فعل الإنسان لا يدخل في فعل غيره فيلزم كل منهما ما أوجبه فالذي اعتدى بجناية الجراحات يدفع دياتها والذي قتله يدفع ديته . اه