مبحث قطع اليد الشلاء بالصحيحة .
ذكر الأئمة رحمهم الله تعالى : أنه إذا كانت يد المقطوع صحيحة ويد القاطع شلاء أو ناقصة الأصابع فالمقطوع بالخيار إن شاء قطع اليد المعيبة ولا شيء له غيرها وإن شاء أخذ الأرش كاملا لأن استيفاء الحق كاملا متعذر فله أن يتجوز بدون حقه وله أن يعدل إلى العض كالمثلي إذا انصرم عن أيدي الناس بعد الإختلاف ثم إذا استوفاها ناقصا فقد رضي به فيسقط حقه كما إذا رضي بالرديء مكان الجيد .
قالوا : ومن شج رجلا فاستوعبت الشجة ما بين قرني الشاج فالمشجوج بالخيار إن شاء اقتص بمقدار شجته يبتدئ من أي الجانبين شاء وإن شاء أخذا الرش لأن الشجة موجبة لكونها مشينة فقطن فيزداد الشين بزيادتها وفي استيفاء ما بين قرني الشاج زيادة على ما فعلن ولا يلحقه من الشين باستيفائه قدر حقه ما يلحق المشجوج فينتقص فيخير كما في الشلاء والصحيحة وفي عكسه يخير أيضا لأنه يتعذر الاستيفاء كاملا للتعدي إلى غير حقه وكذا إذا كانت الشجة في طول الرأس وهي تأخذ من جبهته إلى قفاه ولا تبلغ إلى قفا الشاج فهو بالخيار لأن المعنى لا يختلف .
قالوا : ولا قصاص في اللسان ولا في الذكر لأنه ينقبض وينبسط فلا يمكن اعتبار المساواة إلا أن تقطع الحشفة لأن موضع القطع معلوم كالمفصل ولو قطع بعض الحشفة أو بعض الذكر فلا قصاص فيه لأن البعض لا يعلم مقداره . بخلاف الأذن إذا قطع كله أو بعضه لأنه ينقبض ولا ينبسط وله حد يعرف فيمكن اعتبار المساواة والشفة إذا استقصاءها بالقطع يجب القصاص لإمكان اعتبار المساواة فيها بخلاف ما إذا قطع بعضها لأنه يتعذر اتبار المساواة فيها لأنها تنقبض وتنبسط .
الشافعية - قالوا : يقتص من الذكر إذا قطع من أصله واللسان ومارن الأنف والأنثيين وشفرتي الفرج إذا أمكن استيعاب القصاص في هذه الأعضاء من غير جيف بأن لا يزيد على اخذ الواجب وإن لم يكن القصاص إلا بإجافة الجاني فلا قصاص سواء أجافه الجاني أم لا نعم إن مات المجني عليه بسبب قطع عضو من هذه الأعضاء قطع الجاني ثم انتظر حتى يموت بسب السراية وإذا مضت المدة المحددة ولم يمت تحز رأسه قصاصا .
قالوا : ولا يؤخذ يمين من يد أو رجل أو عين أو منخر أو أنثيين أو شفرتين أو أليتين بيسار منها ولا يؤخذ أعلى من جفن أو أنملة من إصبع يد أو رجل أو سن بأسف من المذكورات والمساواة في جميع ذلك لاختلاف المنافع باختلاف المحال ولا يؤخذ صحيح كل من الأعضاء بعضو أشل منها وإن رضي الجانيين لأن العضو الشل مسلوب المنفعة وهو الذي لا عمل له مثل الحدقة البصيرة لا تؤخذ بيسار من هذه الأشياء المذكورة بيمين ولا أسفل بأعلى لانتفاء الاشتراك والمماثلة والمساواة في جميع ذلك لاختلاف المنافع باختلاف المحال ولا يؤخذ المحال ولا يؤخذ صحيح كل من الأعضاء بعضو البصيرة لا تؤخذ بالعمياء وغير ذلك ويستثنى من ذلك الأنف والأذن فيؤخذ الصحيح منها بالمستحشف لبقاء منفعتها من جمع الصوت والريح والزينة - وإن قطع ذكره من أصله وأنثياه يجب للحر فيه ديتان كاملتان . ويجوز أن يقطع الأضعف من الأعضاء بالأقوى منها فتقطع العمياء بالصحيحة لأنها دون حقه بشرط انقطاع الدم فإن لم ينقطع فلا قصاص لما فيه من استيفاء النفس بالطرف وهو إجحاف بالجاني ولا قصاص في كسر عظم لعدم الوثوق بالمماثلة فيه لأنه لا ينضبط مثل عظام الأضلاع والظهر والساعد والساق والفخذ والعضد .
قالوا : ويجب القصاص في كل جرح انتهى ووصل إلى عظم من غير كسر وذلك مثل الموضحة في الوجه والرأس وهي التي تصل إلى العظم وتضحه بعد حرف الجلد حيث أنه يتيسر ضبطها واستيفاء مثلها من جسم الجاني وكذلك جرح العضد وجرح لحم الساق وجرح الفخذ فهذه الثلاثة يجب القصاص فيما ينتهي من الجرح إلى عظم وذلك لتيسر استيفائها وإن خالفت هذه الجروح في سائر البدن الموضحة في الوجه والرأس فإنهما فيهما ارش مقدر من الشارع بخمسة أبعرة . وأما في غيرهما ففيهما حكومة عدل مثل غيرها من باقي الجروح - أما العين العمياء والأذن الصماء واللسان الأخرس واليد المشلولة والرجل المشلولة والذكر المشلول والأنثيان المخصيتان ففي كل هذه حكومة فقط