مبحث تأخير القصاص للولد الصغير .
الحنفية والمالكية قالوا : من قتل وله أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا القاتل . ولا ينتظرون حتى يدرك الصغار لأن القصاص حق لا يتجزأ لثبوته بسبب لا يتجزأ وهو القرابة يثبت لكل واحد كملا كالولاية في النكاح . ولثبوت التفرقة بين الصغار والكبار الغيب من حيث احتمال العفو في الحال وعدمه فإن العفو من الغائب موهوم حال استيفاء القصاص لجواز أن يكون الغائب عفا عن حقه في القصاص والحاضر لا يشعر به فلو استوفى كان استيفاء مع الشبهة وهو لا يجوز وأما العفو في الصغير فميئوس منه حال استيفاء القصاص لأنه ليس من أهل العفو وإنما يتوهم العفو منه بعد بلوغه سن الرشد والشبهة في المال لا تعتبر لأن ذلك يؤدي إلى سد باب القصاص لاحتمال أن يقدم ولي المقتول على قتله وكذلك إذا كان احد الاولياء مجنونا يجب على القاضي تعجل القصاص ولا ينتظر شفاءه من الجنون المطبع وهو الذي لا يفيق .
الشافعية والحنابلة في أظهر روايتهم والصاحبان من الحنفية قالوا : إذا كان أولياء الدم فيهم صغار وكبار فليس للكبار تعجيل القصاص بل ينتظر ويحبس القاتل ولا يخلى سبيله بكفيل حتى يدرك الصغار ويبرأ المجنون منهم فيكون له الخيار بين القصاص وأخذ الديةن أو العفو عن الجاني أو الصلح على مال . ذلك لأن القصاص مشترك بينهم ولا يمكن استيفاء البعض لعدم التجزي وفي استيفائهم الكل إبطال حق الصغير والمجنون فيجب أن يؤخر القصاص إلى ادراكه أو يفيق المجنون كما إذا كان بين الكبيرينن وكان أحدهما غائبا أو كان بين الموليين وليتفقوا على مستوف وإلا فقرعة يدخلها العاجز وهذا الخلاف إذا لم يكن في الورثة اب للقتيل أما إذا كان فيهم الب فلهم الاستيفاء بالاتفاق ولا ينتظرون حتى يدرك الصغار لأن الأب له الولاية على النفس .
ولو سبق أحدهم فقتله فالأظهر لا قصاص وللباقين قسط الدية في تركته وقيل : من المستوفى وإن بادر بعد عفو غيره لزمه القصاص وقيل : لا .
استيفاء الأب لولده الصغير .
الحنفية والمالكية قالوا : إذا قتل ولي الصغيرن أو المعتةه فللأب وهو حد المقتول استيفاء القصاص من القاتل نيابة عن المعتوه والصغير لأنه من الولاية على النفس لأن القصاص شرع للتشفين وللأب شفقة كاملة فيعد ضرر الولد ضرر نفسه فجعل ما يحصل له من التشفي كالحاصل للابن فالأب يلي القصاص كما يلي الإنكاح سواء كان شريكه أم لا وللأب أن يصالح لأنه أنظر في حق المعتوه والصغير وليس له أن ينقص عن قدر الدية فإن نقص المال المصالح عليه عن عدر الدية يجب كمال الدية وليس له أن يعفو عن القاتل بغير مال لأن فيه إبطال حقهن وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا أو يد الصغير فللأب أن يستوفي القصاص .
قتل الوالد بولده .
الحنفية والشافعية والحنابلة - قالوا : لا يقتل الرجل بابنه لقول A : ( لا يقاد الوالد بولده ) وهو حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول فيصلح مخصصا لعموم الآية الدالة على وجب القصاص في القتلى وذلك مثل إخراج قتل المولى عبده أو عبد ولده ولأن عمر قضى بالدية في قاتل ابنه ولم ينكر عليه أحد .
ولأن الأب لإحياء الولد فمن المحال أن يستحق له إفناؤه ولهذا لا يجوز له قتله وإن وجده في صف الأعداء مقاتلا أو زانيا وهو محصن ويجب على الأب الدية للورثة ويحرم منها .
المالكية قالوا : لا يقاد الأب بالابن إلا أن يضجعه ويذبحه أو يحبسه حتى يموت مما لا عذر له فيه ولا شبهة فإن حذفه بالسيف أو بالعصا أو بالحجر الكبير غير قاصد لقلته فلا يقتل فيه والجد في ذلك عندهم مثل الأب وحجتهم في ذلك عموم القصاص بين المسلمين لا فرق بين الأب وغيره وقاسوه على الرجل إذا زنا بابنته وهو محصن فإنه يرجم بالاتفاق ولأن الآية في القصاص عممتن فلا تخصص بخبر الآحاد فإذا ثبت العمد وجب عليه القصاص ومن ورث قصاصا على أبيه سقط لحرمة الأبوة اه