مبحث إذا قذف الصبي أو المجنون زوجته .
إذا قذف الصبي أو المجنون امرأته أو أجنبيا فلا حد عليهما ولا لعان لا في الاحال ولا بعد البلوغ لسقوط التكليف عنهما لقوله A : ( رفع القلم عن ثلاث ) ولكن يعزران للتأديب إن كان لهما تمييز فلو لم تتفق إقامة التعزير على الصبي حتى بلغ يسقط عنه التعزير .
قذف الأخرس .
الحنفية قالوا : لا يصح قذف الأخرس ولا لعانه . ولا يقام عليه الحد لأن إشارته غير مفهومة وفيها شك وشبهة والحدود تدرأ بالشبهات .
الشافعية قالوا : إن الأخرس إذا كانت له إشارة مفهومة أو كتابة معلومة وقذف محصنا أو محصنة بالإشارة أو بالكتابة لزمه الحد وكذا يصح لعانه وهو قول أقرب إلى ظاهر الآية الكريمة لأن من كتب أو أشار إلى القذف وفهم منه ذلك فقد رمى المحصنة وألحق العار بها فوجب اندراجه تحت الظاهر ولأنا نقيس قذفه ولعانه على سائر الأحكام .
قذف الكافر .
اتفق الأئمة رحمهم الله على دخول الكافر تحت عموم الآية في قوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات } لأن الاسم يتناوله ولا مانع فللمسيحي واليهودي إذا قذف المسلم يجلد ثمانين سوطا مثل المسلم .
وإذا دخل الحربي دارنا بامان فقذف مسلما حدا لأن فيه حق العبدن وقد التزم إيفاء حقوق العباد ولأنه طمع في أن لا يؤذى فيكون ملتزما بالضرورة أن لا يؤذي .
قذف المجوسي بعد إسلامه .
الحنفية قالوا : إذا قذف رجل مجوسيا تزوج بأمه أو أخته أو بنته ثم أسلم ففسخ نكاحهما فقذفه مسلم في حال إسلامه يقام عليه الحد بناء على أن انكحتهم لها حكم الصحة عندهم .
الشافعية والمالكية والحنابلة رحمهم الله تعالى قالوا : إذا قذف مسلم مجوسيا بعد إسلامه فلا يحد لأن أنكحتهم ليس لها حكم الصحة عندهم فلا يكون المجوسي محصنا .
الحكم إذا مات المقذوف .
الحنفية قالوا : إن حد القذف لا يورث بل يسقط بموت المقذوف قبل إقامة الحد على قاذفه وإذا مات بعد ما اقيم عليه بعض الحد سقط الباقي لأنه حق لله تعالى ولم يثبت جليل من الكتاب والسنة علىلا أن الشرع جعل الوارث له حق المطالبة بحد القذف على الميتم المقذوف أو وصيه ولن حد القذف لو كان مورثا لكان للزوج أو الزوجة فيه نصيب ولأنه حق ليس فيه معنى المال والوثيقة فلا يورث كالوكالة والمضاربة ولا ينقلب مالا عند سقوطه ولا ستحلف عليه القاذف ويتصف بالرق .
الشافعية والحنابلة قالوا : إن حد القذف يورث فإذا مات المقذوف قبل استيفاء الحد فيقام الباقي والعفو يثبت للوارث في حد القذف وكذلك إذا كان الواجب بحقه التعزير فإنه يوؤث عنه وكذا لو أنشأ القذف بعد المورث ثبت لوارثه طلبه الحد وذلك لأن حد القذف هو حق الآدمي لأنه يسقط بعفوه ولا يستوفى إلا بطلبه ويحلف فيه المدعي إذا أنكر وإذا كان حق الآدمي وجب أن يورث لقوله E : ( ومن ترك حقا فلورثته ) ولا تبطل الشهادة بالتقادم ويجب على المأمن ولا يصح الرجوع عنه بعد الإقرار به .
وفيمن يرث ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعية : .
الأول : وهو الأصح عند الشافعية أنه يرثه جميع الورثة كالمال لا فرق بين النساء والرجال .
الثاني : يرثه ذوو الأنساب فيخرج منه الزوجان لأن الزوجين يصح افتراقهما أو غبدال كل واحد بغير صاحبة ولن الزوجية ترتفع بالموت ولآن المقصود من الحد دفع العار عن النسب وذلك لا يلحق الزوج والزوجة لبعد القرابة بينهما .
الثالث : إنه يرثه العصبات فقط دون النساء لشدة ارتباط العصبة بعضهم ببعض فكانوا أشد تعلقا وارتباطا بالمقذوف من مطلق الوثة وذلك مرجوح .
المالكية قالوا : للمقذوف حق المطالبة بحق قاذفه وإن علم المقذوف على أن مارمي به منصف به لأنه أفسد عليه عرضه وليس للقاذف تحليف المقذوف على أنه بريء مما رماه به وللوارث الحق بالقيام والمطالبة بحق مورثه المقذوف قبل الموت أو بعده لأن المعرة تلحق الواث بقذف مورثهن خصوصا إذا كان الميت أوصاه بغقامة الحد فليس للوارث في هذه الحالة العفو ولا المماطلة بل يجب على الحاكم تنفيذه وللأبعد من المورثة كابن الابن القيام بطلب حق مورثه من إقامة حد القذف فيتقدم الابن ثم ابنه الخ . . إن سكت الأب وقيل : يجوز للأب القيام بالمطالبة بحد القذف مع وجود الأقرب وإن لم يسكت الأقرب لأن المعرة تلحق الجميع لا فرق بين الأقرب والبعد .
أما الزوجان فليس لحدهما حق المطالبة بإقامة الحد للآخر لأن أحدهما ليس وليا للآخر ولا تلحقه به معرة بعد موته ما لم يكن أحدهما قد أوصى الآخر بالمطالبة بحقه في إقامة الحد على القاذف قبل وفاته في أن يطالب بالحد لأنه يصبح وليا مثل الوارث .
الحنفية قالوا : لو قال له : يا أبن الزانية وأمه ميتة محصنة فطلب الابن بحده حد القاذف لأنه قذف محصنة بعد موتها ولا يصح أن يطالب بحق الميت في حد القذف إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه ويلحقه العار به وهو الوالد وإن علا والولد وإن سفل لأن العار يلتصق بهما لمطانة الجزئية فيكون القذف متناولا لهم معنى فلذلك يثبت لهم حق المطالبة