مبحث كيفية الشهادة .
اتفق الأئمة على أن الشهادة على الزنا لا تثبت إلا بأربعة شهداء بقوله تعالى : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وقال تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } وقوله تعالى : { لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء } وبما روي عن سعد بن عبادة Bه أنه قال : ( يا رسول الله أرايت إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء . قال : نعم ) وإنما اشترطوا أربعة شهود لأنه فعل يغمض الاطلاع عليه فاحتيط فيه باشتراط الأربعة ولأنه يمس الكرامة والشرف فوجب الاحتياط والقة في إثباته بخلاف الباقي فإذا شهدوا على فعل الزنا أمام القضي يجب عليهم أن يذكروا الزاني ومن زنا بها ؟ فأنه قدر يراه على جارية فيظن أنها أجنبية ويجب أن يشهدوا أنا رأينا ذكره يدخل في فرجها دخول الميل في المكحلة فلو شهدوا مطلقا أنه زنى لا يثبت لأنهم ريما يرون المفاخذة زنا بخلاف ما لو قذف إنسانا فاعترف وقال : زنيت يجب الحد ولا يستفسر عن ذلك ولو أقر على نفسه بالزنا هل يشترط أن يستفسر ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) نعم كالشهود ( والثاني ) لا يجب كما في الإقرار بالقذف .
الشافعية قالوا : لا فرق بين أن يجيء الشهود متفرقين أو مجتمعين لأن الإتيان بأربعة شهداء قدر مشترك بين الإتيان بهم مجتمعين أو متفرقين واللفظ الدال على ما به الاشتراك لا إشعار له بما به الامتيازن فالآتي بهم متفرقين يكون عاملا بالنص فوجب أن يخرج عن العهدة ولأن كل حكم يثبت بشهادة الشهود إذا جاؤوا مجتمعين يثبت إذا جاؤوا متفرقين كسائر الأحكام بل هنا أولى لأنهم إذا جاؤوا متفرقين كان أبعد عن التهمة وعن أن يتلقن بعضهم من بعض فلذلك قلنا إذا وقعت ريبة للقاضي في شهادة الشهود فرقهم ليظهر على عورة إن كانت في شهادتهم ولآنه لا يشترط أن يشهدوا معا في حالة واحدة بل إذا اجتمعوا عند القاضي وكان يقدم واحدا بعد لآخر ويشهد فإنه تقبل شهادتهم فكذا إذا اجتمعوا على بابه ثم كان يدخل واحد بعد واحد .
الحنفية قالوا : إذا شهد الشهداء متفرقين فلا تقبل شهادتهم ويجب عليهم حد القذف لأن الشاهد الواحد لما شهد فقد قذفه ولم يأت بأربعة شهداء فوجب عليه الحد لقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا برابعة شهداء فاجلودهم ثماني جلدة } وأقصى ما في الباب أنهم عبروا عن ذلك القذف بلفظ الشهادة وذلك لا عبرة به لأنه يؤدي إلى إسقاط حد القذف رأسا لأن كل قاذف لا يعجزه لقظ الشهادة فيجعل ذلك وسلة إلى إساقط الحد عن نفسه وحصل مقصوده من قذف الأبرياءء الغافلين