( تابع . . . 2 ) : - ومثل الخيانة والغصب سائر المخالفات المالية فإنه لا يمكن ضبط عقوبة .
قالوا : وذلك إذا كان الداخل الحامل للمتاع ممن يجب عليه القطع عند الانفراد بأن كان عاقلا بالغا وأما إذا كان الأخذ الحامل للمال صبيا أو مجنونان أو من ذوي أرحام صاحب الدار فلا يقطع واحد منهم لن غير الحامل في هذا الفعل تبع للآخذ الحامل فإذا لم يجب القطع على من هو اصل لا يجب على من هو تبع .
الشافعية المالكية قالوا : لو دخل جماعة الحرز واتفقوا على السرقة واخرج بعضهم المتاع فلا قطع إلا على من أخرج المتاع من الحرز إذا بلغ نصيب كل واحد مقدار نصاب وهو ثلاثة دراهم فأكثر فالداخل الذي لم يخرج المتاع ولم يحله لا قطع عليه لأنه لم يسرق فعلا ولم تتم شورط السرقة في حقه وكذلك إذا لم يباغ نصيب كل واحد مقدار نصاب فلا يقطع واحد منهم لأنه لا قطع في سرقة أقل من النساب ولو اشترك لصان مكلفان في إخراج نصابين فأكثر من حرز فقعا لان كلا منهما سرق نصابا أما إذا كان المخرج اق من نصابين فلا قطع عليهما .
إذا ثقب اللص البيت .
الحنفية رحمهم الله تعالى قالوا : إذا ثقب اللص البيت فدخل وأخذ المال فتناوله آخر خارج البيت عند الثقب أو على الباب فلا يجب القطع عليهما لاعتراض يد معتبرة على المال المسروق قبل خوج الداخل فوجدا شبهة في السرقة . حيث ان السرقة لم تتم من واحد منهما . وقال أبو يوسف : إن اخرج الداخل يده من النقب إلى الخارج فالقطع على الداخل وإن ادخل الخارج يده فتناولها فعليهما القطع .
أما إذا انفرد بفعله من غير تعاون فلا يقطع واحد منهما وذلك إذا حصل أن خارجا رأى ثقبا فأدخل يده فوقعت على شيء مما جمعه الداخل فأخذه فلا يقطع واحد منهما .
وإذا نقب المنزل ثم ألقى بالمتاع في الطريق ثم خرج وأخذه فإنه يقطع . لأن هذه من حيل اللصوص وإذا وضع الداخل المال عند النقب ثم خرج وأخذه قيل : يقطع والصحيح أنه لا يقطع .
ولو كان في الدار نهر جار فرمى المال في النهر ثم خرج فأخذه فأن خرج بقوم الماء لا يقطع لأنه لم يخرجه بفعله وقيل : يقطع لأنه إخراج بسببه لأن جري الماء به كان بسبب القائه فيه فيضير الإخراج مضافا إليه وهو زيادة حيلة منه ليكون متكنا من دفع صاحب البيت فلا يكون مسقطا للقطع عنه وإذا نقب الدار وألقى بالمال في الطريق فأخذه غيره من الطريق فلا قطع على واحد منهما وإذا حمله على حمار من داخل فساقه فأخرجه ثم أخذه فإنه يقطع لأن سيره مضاف إليه يسوقه وإذا علق المتاع في عنق كلب وزجره فخرج ثم أخذه منه فإنه يقطع ولو خرج الكلب بلا زجره لا يقطع لأن للدابة اختيارا فما لم يفسد اختيارها بالحمل والسوق لا تنقطع نسبة الفعل إليها ومن نقب البيت وأدخل يده فيه وأخذ شيئا من غير أن يدخل الدار فلا يجب عليه القطع في هذه الحالة لن عنك الحرز يشترط فيه الكمال . تحرزا عن شبهة عدم السرقة وهي مسقطة فإن الناقص يشبه العدم .
المالكية قالوا : ومن نقب الدار ثم دخلها فتناول مقدار النصاب منه الخارج بأن مد الخارج يده لداخل الحرز وأخذه منه من غير أن يخرجه الداخل فيجب القطع على الخراج فقط لأنه هو الذي أخرجه من الحرز والداخل لم يخرج المال فلا يجب عليه القطع .
ولو مد الداخل يده بالشيء إلى من هو خارج الحرز وتناوله غيره من الخارج فالقطع على الداخل فقط . لأنه الذي اخرج المال من الحرز والخارج لم يهتك بهتك الحرز ولم يخرج المال فلا قطع عليه .
وإن التقيا أي الداخل في الحرز والخارج عنه بايديهما وسط النقب فأخرج الخارج الشيء بمناولة الداخل أو ربطه الداخل بحبل ونحون فجذبه الخارج عن الحرز وجب القطع عليهما معا . ومن جعل على ظهر غيره في الحرز شيئا فخرج به ولولا الجاعل ما قدر على حمله يقطعان معا فإن كان الحامل يقدر على حمله دون الداخل قطع الخارج بالمتاع وحده لأنه هو الذي حمل المال .
الشافعية والحنابلة قالوا : لو نقب شخص الدار وأخرج غيره المال من النقب ولو في الحال فلا قطع على واحد منهما لأن الناقب لم يسرق ولآخذ اخذ من غير حرز ويجب على الأول ضمان الجدار وعلى الثاني ضمان المأخوذ وهذا إذا لم يكن في الدار أحد أما إذا كان فيها حافظ قريب من النقب وهو يلاحظ المتاع فالمال محرز به فيجلب القطع على الآخذ وإن كان الحافظ نائما فلا قطع على الأصح كمن نام والباب مفتوح ويشترط أن يكون المخرج مميزا أما لو ثقب الدار ثم امر صبيا غير مميز أو مجنونا فإخراج المال فأخرجه قطع الأمر وإن أمر مميزا أو قرد فلا لنه ليس آلة له .
ولو تعاون اثنان في الثقب ثم انفرد أحدهم بالإخراج لنصاب فأكثر أو وضعه احد الناقبين بقرب النقب فأخرجه لآخر مع مشاركته له في النقب وساوى ما أخرجه نصابه فأكثر وجب القطع على المخرج في الصورتين لأنه هو السارق .
ولو وضعه الداخل بوسط النقب فأخذه شريكه الخارج أو ناوله لغيره من فم النقب وهو يساوي نصابين فأكثر لم يقطعا في الأظهر لأن كلا منهما لم يخرج من تمام الحرز وهو الجار ويسمى السارق الظريف والرأي الثاني : يقطعان لاشتراكهما في النقب والإخراج ولئلا يصير ذلك طريقا إلى إسقاط الحد ولو ربط المال لشريكه الخارج فجره قطع الخارج دون الداخل وعليهما الضمان .
وقطع العمى بسرقة ما دل عليه الزمن وإن حمله العمى ودخل به الحرز ليدله على المال وخرج به لأن الأعمى هو السارق .
ويقطع الزمن بما أخرجه والأعمى حامل للزمن لأن الزمن هو السارق ولا يقطع العمى في هذه الصورة لأنه ليس حاملا للمال وفتح الباب وكس الفقل أو غيره وتسور الحائط كالنقب فيما مر ولو رمى المال المحرز خارج الحرز أو وضعه بماء جار أو راكد أو عرضه لريح هابة فأخرجته منه قطع في هذه الصور كلها لأن الإخراج في الجميع منسوب إليه وسواء ماه من النقب أم من فوق الجار وساء أخذه بعد الرمي أم لا تلف كأن رماه في نار أم لا . ولو نقب اللص في ليلة ولم يسرقن وعاد ليلة أخرى قبل إعادة الحرز فسرق قطع في الأصح كما لم نقب أول الليل ثم سرق في آخره . وقيل : لا يقطع .
سرقة الحر الصغير .
الشافعية قالوا : من سرق حرا فإن كان صغيرا فلا يجب عليه القطع لأن الحر ليس بمال . فإن قيل : روي عن الدار قطني عن عائشة Bها أنه A ( أتي برجل يسرق الصبيان ثم يخرج بهم فيبيعهم في أرض أخرى فأمر به فقطعت يده ) فالجواب على ذلك أن الحديث ضعيف وعلى تقدير صحته فمحمول على الأرقاء وحكمه : أنه سرق حرا صغيرا لا يميز أو مجنونا أو اعجميا أو أعمى من موضع لا ينسب لتضييع لأنه محكم بقلادة أو مال غيرهان يليق به عن حليته وملابسه وذلكنصاب فلا يقطع سارقه في الأصح لأن للحر يدا على ما معه ولهذا لو وجد منفردا ومعه حلي حكم له به فصار كمن سرق جملا وصاحبه راكبه . والرأي الثاني : يقطع لآنه أخذه لجل ما معه أما لو سرق من موضع ينسب لتضييع كخلاء أو صحراء فلا يقطع بلا خلاف أو كان مامعه فوق مايليق به واخذه من حرز مثله قطع بلا خلاف . أو من حرز يصلح للصبي دونه لم يقطع بلا خلاف .
هذا إذا كانت القلادة للصبي فو كانت لغيره فإن أخذه من حرز مثلها قطع وإلا فلا جزما ولو أخرج الصبي من الحرز ثم نزع القلادة عنه لم يقطع لأنه لم يأخذها من حرز ولو سرق قلادة مثلا معلقة على صغير ولو حرا أو كلب محرزين أو سرقها مع الكلب قطع .
المالكية قالوا : لا يجب القطع على من اخذا ما على صبي حر غير مميز من حلي وثياب أو معهه فيجيبه مثلا أو في عنقه بلا حافظ مع الصبي وليس الصبي بدار أهله لأن غير المميز ليس حرزا لما عليه ومثل الصبي الممجنون ولو كان كبيرا .
أما إذا سرق الصبي الحرغير المميز وهو الذي يمشي ولا يتكلم فإنه يجب عليه القطع لأنه كالمال المحترم وذلك لأن الصبي إذا كان غير مميز يكون هو المقصود بالخذ دون ما عليه وربما لا يكون عليه شيء وإلا لأخذ ما عليه من الحلي أو الثياب وتركه فيجب إقامة الحد عليه عقوبة له لأنه أغلى من المال ولما رواه الدار قطني عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ( أتي رسول الله A برجل يسرق الصبيان ثم يخرج بهم فيبعهم في أرض أخرى فأمر به قطعت يده ) .
الحنفية قالوا : لا يجب القطع على سارق الصبي الحر وغن كان عليه حلي يباغ نصابا والحلي هو ما يلبس من ذهب أو فضة أو جوهر وذلك لأن الحر ليس بمال وما عليه من الحلي تبع له ولا قطع إلا بأخذ الما فلا يقطع بسرقته وغن كان إثمه وعقابه عند الله تعالى أشد من عقاب سارق المال ففي الحديث القدسي عن رب العزة جل جلاله ( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر وجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل أستأجر أجيرا فاستوفى منه عمله ولم يوفه أجره ) لكن القطع الذي هو العقوبة الدنيوية لم يثبت عليه شرعا لودود شبهة وهة أن يتأول في أخذه الصبي اسكاته أو حمله إلى مرضعته والمراد بالصبي الصغير غير المميز الذي لا يمشي ولا يتكلم فلو كان الصبي يمشي ويتكلم ويميز فلا يقطع اجماعا لأنه في نفسه فكان أخذه خاعا ولا قطع في المكر والخداع وروي عن أبي يوسف : أنه يجب القطع في سرقة الصبي الحر غير المميز والله أعلم .
الشافعية قالوا : لو نام عبد على بعير فقاده وأخرجه من القافلة قطع وإن نام حر على بعير فأخرجه فلا قطع في الصح لأن البعير بيده .
إذا سرق الضيف .
الحنفية قالوا : لا يجب القطع على الضيف إذا سرق اكثر من نصاب ممن اضافه فبيته لأن البيت لم يبق حرزا في حقه لكونه مأذونا في دخوله ولأنه بالاذن صار بمنزلة أهل الدار فيكون فعله خيانة لاسرقة وكذلك إذا سرق من بعض بيوت ( حجرات ) الدار التي أذن له في دخولها وهو مقفل أو من صندوق مقفل لن الدار مع جيمع بيوتها حرز واحد ولهذا إذا أخرج اللص المتاع من بعض بيوت الدار إلى الدرا لا يقطع ما لم يخرجه من الدار وإذا كان الدار حرزا واحدا فبالاذن بادخول في الدرا اختل الحرز في البيوت وهي شبهة تدرأ الحد عن الضعيف السارق .
الشافعية والحنابلة قالوا : لو سرق الضيف من مكان مضيفه أو الجار من حانوت جاره أو المغتسل من الحمام وإن دخل ليسرق لا يجب عليه القطع لآنه أخذ مالا غير محرز لأن البيت لم يعد حرزا له حيث أن صاحب الدار أذن له في دخول الحرز لأنهم اشترطوا لوجود القطع في المسروق أمورا لابد من تحقيقها وهي : .
( الأول ) كونه يساوي ربع دينار .
( الثاني ) كونه ملكا لغيره .
( الثالث ) عدم وجود شبهة فيه .
( الرابع ) كونه محرزا بوجود ملاحظة أو بحصانة موضعه فإن فقط شرط من هذه الشروط فلا يجب القطع . وقد فقد هنا شرط وهو كون المال محرزا .
المالكية قالوا : لا يجب القطع على الضيف الذي أذن له في دخول الدر إذا سرق منه مالا يزيد عن النصاب لأنه دخل بإذن رب الدار فيكون خائنا لا سارقا .
ولا قطع على من سرق من بيوت ذي الإذن العام لجميع الناس كبيت الحاكم والعادل والكريم ( المضيفة ) الذي يدخله الناس بدون إذن من أصحابها فإذا أخرج المسروق من الباب فلا قطع عليه لأنه خائن لمن استأمنه إلا إذا سرق ما حجز فيه كحاصل أو خزانة داخل البيت العام فإن أخرجه من الحجز إلى باب الدار قطع وإن اخرجه للحرش فلا يقطع لوجود الإذن عادة أو قيقة ثم الدخول فاختل الحرز لم تتم السرقة .
السرقة من دكاكين التجار والمحلات العامة والشركات .
الحنفية والمالكية قالوا : لا يجب القطع على اللص الذي سرق من حوانيت ( دكاكين ) التجار والحانات لأن أصحابها قد أذنوا للناس في دخولها للشراء فاختل الحرز فيثبت فيها حكم عدم القطع على السارق نهارا فإن التاجر يفتح حانوته صباحا في السوق ويرحب بالناس في الدخول لمعاينة البضائع والشراء منها ويفرح لكثرة المترددين على حانوته لأن في ذلك ربحه ورواج تجارته فإذا سرق واحد منهم شيئا فلا يجب عليه القطع لوجود الإذن عادة أو حقيقة من الدخول فاختل الحرز إلا إذا سرق منها ليلا لأنها بنيت لاحراز الأموال وإنما اختل الحرز في أثناء النهار للإذن وهو منتف بالليل فيجب القطع في السرقة منها ليلا إذا بلغ ما سرقه نصابا ولو لم يكن حافظ .
الشافعية والحنابلة قالوا : لا قطع على من أذن له في الدخول إلى دار أو حانوت أو خان للشراء لوجود شبهة عدم الحرز للاذن في الدخول إلى هذه الماكن عادة وعرفا فإنه قد أذن للناس جميعا دخول هذه الأماكن أثناء النهار لقضاء مصالحهم وشراء حاجياتهم من غير حرج ولا استئذان فأصبح المتاع الموجود منها غير محرز وإن كانت في البناء وموجود معها صاحبها ولكن الإذن شبهة والثياب الموضوعة على باب حانوت القصار للعرض ولفت أنظار الزبائن وأمتعة العطار الموضوعة على باب حانوته والقدور التي يطبخ فيها في الحاونيت محرزة بسدد تنصب على باب الحانوت للمشقة في نقلها إلى بناء واستحالة إغلاق باب عليها كل ذلك إذا حدث نهارا وقت وجود الإذن في الدخول والحانوت المغلق بلا حارس حرز لمتاع البقال في زمن المن ليلا بخلاف الحانوت المفتوح ليلا وليس فيه حارس أو المغلق في زمن الخوف وحانوت متاع البزار ليلا لأنه ليس مأذونا بادخول فيه .
قالوا : وأبواب الدور والبيوت التي فيها والحوانيت بما عليها من مغاليق وحلق ومسامير محرزة بتركيبها ولو مفتوحة أو لم يكن في الدور والحوانيت أحد ومثلها سقوف الدور والحوانيت . شيء منه إلا بحل الرباط أو بفتق بعض الغرائز حيث اعتيد ذلك بخلاف ما إذا لم يعتد ذلك فإنه يشترط أن يكون عليه باب مغلق كا هو الحال في عصرنا الحالي وإذا ترك التاجر كوة أي نافذة في دكانه ليلا فأدخل اللص يده منها وأخذ شيئا من المال مقدار نصاب فلا يجب عليه القطع لعدم هتك الحرز .
( يتبع . . . )