( تابع . . . 2 ) : - يبطل حق الزوج في الرجعة بانقضاء عدة الزوجة بالحيض ثلاث مرات إن .
خاتمة في أمور : أحدها إذا كان للزوجة مؤجل صداق إلى الطلاق وطلقها رجعيا فهل لها المطالبة بالمؤجل قبل أن تبين منه بانقضاء العدة أو لا ؟ والجواب : أن الصحيح ليس لها المطالبة إلا بعد أن تبين بانقضاء العدة . ثانيها : إذا قال لها : راجعتك على عشرين جنيها مثلا فطالبته بها فهل يلزمه المبلغ أو لا ؟ خلاف فبعضهم يرى أنه يلزمه المبلغ ويجعل ملحقا بالمهر وبعضهم يرى أنه لا يلزمه لأن الطلاق الرجعي لا يزيل الملك والعوض لا يجب عليه في مقابلة الملك وهو الظاهر . ثالثها : إذا قال الرجل المطلق رجعيا : أبطلت رجعتي أو لا رجعة لي أو أسقطت حقي في مراجعتك ثم راجعها فهل لها أن تقول له : إنك أسقطت حقك فلا رجعة لك علي ؟ والجواب لا فإن حقه في الرجعة ثابت بالشرع فلا يملك التنازل عنه ولا اسقاطه . المالكية - قالوا : تبطل الرجعة بالأمور المذكورة على التفصيل الآتي فأما الحيض فإن عدتها تنقضي بثلاثة أطهار لا بثلاث حيض وأقل مدة تنقضي فيها العدة بالإقراء شهر وذلك لأنه إذا طلقها في أول الشهر وهي طاهرة ثم حاضت بعد الطلاق بلحظة فإن هذا الطهر يحسب لها فإذا كان ذلك بالليل ثم استمر الدم إلى ما قبل الفجر وانقطع فإنه يحسب لها حيضة وذلك لأن أقل الحيض في باب العدة . هو أن ينزل يوما أو بعض يوم بشرط أن يقول النساء : إنه حيض فإذا استمرت طاهرة إلى نهاية اليوم الخامس عشر حسب لها ذلك الطهر لأن أقل الطهر خمسة عشر يوما ويحسب بالأيام لا بالليالي . فإذا حاضت في الليل واستمر الحيض إلى ما قبل طلوع الفجر كان ذلك حيضة . فإذا انقطع واستمرت طاهرة خمسة عشر يوما ثانية كان ذلك طهرا ثالثا وعلى ذلك تكون قد طهرت ثلاثة أطهار . الطهر الذي طلقها فيه - وهو اللحظة التي حاضت بعدها - ثم الطهر الثاني . والطهر الثالث وهما ثلاثون يوما ولحظة فإذا فرض ووقع ذلك في شهر رمضان فإنها تحيض فيه وتطهر وتقضي عدتها بنهايته ولم تفطر فيه يوما واحدا .
فإذا قالت له : إن عدتها قد انقضت بالطهر من الحيض ثلاث مرات بعد الطلاق فإن ذلك يحتمل ثلاثة أوجه : الوجه الأول : أن تدعي انقضاء عدتها في زمن لا يمكن أن تنقضي فيه العدة مطلقا وهي أقل من شهر فإنها في هذه الحالة لا تصدق في دعواها ولا يسأل في شأنها النساء .
الوجه الثاني : أن تدعي انقضاء عدتها في زمن يندر انقضاء العدة فيه وهو الشهر مثلا لأنه وإن كان يمكن أن تنقضي العدة في شهر ولكنه نادر وفي هذه الحالة تصدق بشهادة الخبيرات من النساء فإذا شهدت بأن النساء قد يحضن ثلاث حيض في هذه المدة ويطهرن منها على الوجه المتقدم إذن تصدق بلا يمين وقيل : بل تصدق إن حلفت بأن عدتها قد انقضت فإن نكلت عنه صحت الرجعة . الوجه الثالث : أن تدعي انقضاء عدتها في زمن يمكن انقضاء العدة فيه غالبا . وفي هذه الحالة تصدق بلا يمين ولا سؤال النساء .
وإذا أراد رجعتها فقالت له : إن عدتها قد انقضت في زمن يمكن انقضاؤها فيه ثم كذبت نفسها وقالت : أنها لم تحض أو لم تلد لا يسمع قولها حتى ولو شهدت النساء بأن ليس بها أثر حيض أو ولادة لأنها تبين بمجرد قولها : حضت ثالثة . أو وضعت الحمل .
هذا إذا صرحت بأنها حاضت الثالثة أما إذا قالت : أنها رأت دم الحيضة الثالثة ثم رجعت وقالت : إنها رأت الدم ولكنه لم يستمر يوما أو بعض يوم فلم يكن دم الحيض الذي تنقضي به العدة ففي هذا خلاف فبعضهم قال : لا يسمع قولها أيضا كالأولى وبعضهم قال : يسمع قولها إن قالت أنها رأت الدم وانقطع ولم يعد ثانيا حتى مضى الطهر أما إن قالت : أنها رأت المد وانقطع حالا ثم عاد قبل أن تمضي عليه مدة طهر كان حيضا تنقضي به العدة وهذا هو الراجح .
وإذا طلقها زوجها طلقة رجعية ثم مات عنها بعد سنة أو اكثر فادعت أنها لم تحض أصلا أو ادعت أنها حاضت واحدة أو اثنتين فقط حتى ترث منه لعدم انقضاء عدتها . فإن هذه لا يخلو حالها من أحد أمرين : الأول : أن تكون لها عادة باحتباس دم الحيض عندها فتمكث مثل هذه المدة بدون حيض ثم تحيض وقد وقع لها ذلك في زمن أن كانت زوجة للمتوفى وأخبرت به الناس حتى عرف عنها وفي هذه الحالة تسمع دعواها ويقبل قولها بيمين ويكون لها حق الميراث . الثاني : أن لا يظهر منها هذا في حال حياة مطلقها وفي هذه الحالة لا يقبل قولها ولا ترث لأنها ادعت أمرا نادرا أما إذا مات بعد ستة أشهر من يوم الطلاق . أو أكثر إلى سنة وادعت عدم انقضاء العدة فإنها ترث بيمين إن لم يظهر منها غيبة دم الحيض واحتباسه مدة حياة المطلق أما إن ظهر منها ذلك فإنها ترثه بدون يمين فإن مات بعد الطلاق بأربعة أشهر إلى ستة أشهر فإنها تصدق من غير يمين مطلقا ومثل ذلك ما إذا كانت مرضعة فإنها تصدق وترث بلا يمين ولو مات بعد سنة أو أكثر وكذا إذا كانت مريضة وذلك لأن الرضاع والمرض يمنعان الحيض غالبا .
هذا ما يتعلق بالحيض أو الإقراء وأما الحمل فإن عدتها تنقضي بوضع الحمل كله بحيث لو انفصل منها بعضه فإنه يحل للزوج رجعتها .
ولا فرق بين أن يكون الولد كاملا أو سقطا . فإذا ادعى الزوج أنه راجعها في العدة كذبته ولا بينة له فتزوجت بغيره ثم وضعت ولدا كاملا لأقل من ستة أشهر بعد وطء الزوج الثاني فإن الولد يلحق بالأول لظهور كون الحمل منه لا من الثاني ويفسخ النكاح الثاني وترد إلى الأول برجعته التي ادعى أنه أنشأها قبل انقضاء العدة وهل يتأبد تحريمها على الزوج الثاني بحيث لو مات زوجها الأول أو طلقها يحل له أن ينكحها ثانيا أو لا ؟ والجواب : نعم يحل له ذلك . لأنها ليست معتدة حتى يقال : إن من نكح معتدة الغير حرمت عليه مؤبدا وذلك لأن المفروض أن زوجها الأول راجعها وألحق الولد به فهي ذات زوج نكحها الثاني نكاحا فاسدا على أن بعضهم يقول : من تزوج معتدة بطلاق رجعي لا يتأبد عليه تحريمها فلو فرض وكانت معتدة فإنه لا يتأبد عليه تحرمها .
وإذا ادعى أنه راجعها في العدة بالوطء بنية الرجعة أو راجعها بالتلذذ بها في العدة وأقر بذلك أمام شهود قبل انقضاء العدة بأن قال أمامهم : راجعت زوجتي بالوطء مع نية الرجعة . أو تلذذت بها بدون وطء مع نية الرجعة وأنكرت هي ذلك وشهدت الشهود بإقراره صحت رجعته ما دامت الخلوة بها ثابتة ولو بامرأتين كما تقدم ومثل ذلك ما إذا ادعى الرجعة وأتى ببينة شهدت بأنها رأته قد بات عندها أو رأيته قد اشترى لها أشياء أرسلها لها فإن الرجعة تصح بشرط أن تشهد البينة بأنها عاينت ذلك أما إذا شهدت بإقراره أمامها قبل انقضاء العدة فإن الرجعة لا تصح .
وإذا راجعها فقالت : حضت ثالثة فلا رجعة لك علي وأتى بشهود شهدوا بأنها أخبرتهم بأنها لم تحض الثالثة ولم يمضي وقت يمكنها أن تحيض فيه فإن رجعته تصح وإن لم تقم البينة على ذلك فلا تصح .
ثالثها : أن تنقضي عدتها بالأشهر . وسيأتي بيان ذلك في مباحث العدة .
الشافعية - قالوا : تبطل الرجعة بانقضاء العدة وهي تنقضي بثلاثة أمور : .
أحدها : وضع الحمل فإذا ادعت أنها وضعت الحمل ولا رجعة له عليها وأنكر الزوج فإنها تصدق بيمينها بغير بينة . بشروط أن تكون المدة التي مضت بعد طلاقها يمكن أن تضع فيها الحمل ثم إن الحمل الذي تنقضي به العدة ثلاثة أقسام : الأول أن تضعه تام الخلق فإذا وضعت ولدا تام الخلق في مدة ستة أشهر ولحظتين : لحظة الوطء ولحظة الولادة من وقت إمكان اجتماعهما بعد عقد الزواج . فقد انقضت عدتها بذلك أما إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت إمكان اجتماعهما فإن عدتها لا تنقضي ولا يلتفت إليه لأن الولد يكون من غيره ويكون له الحق في الرجعة بعد ولادته ما دامت في العدة وعدتها تنقضي بثلاثة قروء - أطهار - بعد انقضاء النفاس وذلك لأن النفاس كالحيض لا يحسب من العدة القسم الثاني : أن تضعه سقطا مصورا وهذا يشترط في انقضاء العدة به أن يمضي على سقطه مائة وعشرون يوما ولحظتان من إمكان اجتماعهما فإن جاءت به لأقل من ذلك مصورا فلا تنقضي به عدتها . لأنه لا يكون ابنه .
القسم الثالث : أن تضعه مضغة ويشترط لانقضاء العدة بها أن يمضي على إمكان اجتماعهما ثمانون يوما ولحظتان على أنه يشترط لهذا شرط آخر وهو أن تشهد القوابل أن هذه المضغة أصل آدمي وإلا فلا تنقضي بها العدة أصلا .
وقد استدلوا على أن أقل مدة الحمل التام ستة أشهر بقوله تعالى : { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } فإن مدة الفطام حولان والباقي - وهو ستة أشهر - مدة الحمل واستدلوا على أن أقل مدة المصور مائة وعشرون يوما وأقل مدة المضغة ثمانون يوما بحديث الصحيحين .
ثانيها : الإقراء والقرء : الطهر من الحيض . والعدة تنقضي بثلاثة أقراء فإذا ادعت أن عدتها انقضت بالإقراء في مدة ممكنة فإنها تصدق بيمينها بدون بينة وأقل مدة ممكنة في الزوجة الحرة اثنان وثلاثون يوما ولحظتان . لحظة للقرء الأول ولحظة للدخول في الحيض الثالثة مثال ذلك : أن يطلق زوجته وهي طاهرة في آخر لحظة من ذلك الطهر بشرط أن يكون طهرا عقب حيض فتحيض بعد ذلك مباشرة وترتفع الحيضة في أقل زمن الحيض وهو يوم وليلة ثم تمكث طاهرة أقل الطهر . وهو خمسة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة أيضا ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تحيض وبذلك يتم لها اثنان وثلاثون يوما ولحظتان : لحظة الطهر الذي طلقها فيه ومدة الحيضة الأولى وهي يوم وليلة - أربعة وعشرون ساعة - ومدة الطهر الثاني الذي يلي الحيضة الأولى وهو خمسة عشر يوما بلياليها ومدة الحيضة الثانية التي تلي الطهر الثاني وهي يوم وليلة أيضا ومدة الطهر الثالث الذي يلي الحيضة الثانية وهي خمسة عشر يوما ثم لحظة من الحيضة الثالثة التي يتم بها الطهر الثالث ومجموع ذلك اثنان وثلاثون يوما ولحظتان .
هذا إذا طلقها في طهر قبله حيض أما إذا طلقها وهي طاهر قبل أن تحيض أصلا فإن هذا الطهر لا يحسب من العدة لأن الطهر الذي يحسب من العدة هو ما كان بين دمين قبله وبعده وهذه يمكن أن تنقضي عدتها بثمانية وأربعين يوما وذلك بأن يطلقها في آخر لحظة من ذلك الطهر الذي لا يحسب لها فتحيض أقل الحيض يوما وليلة ثم تطهر أقل الطهر خمسة عشر يوما ثم تحيض أقل الحيض كذلك ثم تدخل في الحيضة الرابعة بلحظة فهذه ثلاثة أطهار بخمسة وأربعين يوما وثلاث حيض بثلاثة أيام ولحظة الحيض الرابعة فالمجموع ثمانية وأربعون ولحظة .
هذا إذا طلقها في الطهر أما إذا طلقها في آخر لحظة من حيضها فإنها يمكن أن تنقضي عدتها في هذه الحالة بسبعة وأربعين يوما ولحظة من حيضة رابعة وذلك لأنها تمكث طاهرة بعد الحيضة التي طلقها فيها خمسة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر يوما هذا هو الطهر الثالث ثم تحيض الرابعة ومتى رأت الدم انقضت عدتها ومجموع ذلك ثلاثة أطهار في خمسة عشر يوما يساوي خمسة وأربعين وحيضتان بيومين ولحظة الحيضة الرابعة وهو العدد المذكور .
هذا إذا كانت حرة أما إذا كانت أمة فإنها إذا طلقت في آخر طهر انقضت عدتها بستة عشر يوما ولحظتين وإذا طلقت في حيض انقضت بأحد وثلاثين يوما ولحظة ولا يخفى توجيه ذلك .
واعلم أن اللحظة من الحيضة الأخيرة ليس من العدة فلا تصح الرجعة فيها وإنما هي معتبرة للاستدلال على تكملة القرء الأخير .
ثالثها : الأشهر فتنقضي عدة الآيسة من الحيض بثلاثة أشهر كما سيأتي إيضاحه في مباحث العدة وهذه لا يتصور فيها خلاف فإذا كانت آيسة من الحيض وادعت أن عدتها انقضت بالإقرار وكذبها فإنه يصدق بيمينه وكذا إذا كانت صغيرة فإنها إذا ادعت أنها حاضت وانقضت عدتها بالإقراء والواقع أن مثلها لا يمكن أن تحيض فإن القول قوله ويصدق بيمينه وقيل : يصدق بدون يمين .
هذا وإذا ادعى الرجعة وأنكرت فلا يخلو إما أن يكون ذلك في العدة أو بعد انقضائها فإذا كان في العدة فإنه يصدق بيمينه فإن قلت : إذا كانت العدة باقية فيمكنه أن يقول : راجعت زوجتي وينتهي بدلا من الخصومة والحلف قلت : إن هذا يشمل ما إذا وطئها في العدة وادعى أنه راجعها قبل الوطء بدون بينة وأنكرت الرجعة لأن لها الحق في المهر بالوطء قبل الرجعة كما تقدم فإذا حلف أنه راجعها قبل الوطء فإنه يصدق وهل تعتبر دعواه في هذه الحالة إنشاء للرجعة أو إقرارا بها ؟ قولان مرجحان . ولكن الأوجه أنها إقرار إذ لا معنى لكون الدعوى إنشاء للرجعة . أما إذا ادعى الرجعة بعد انقضاء العدة فإن في ذلك صورا .
الصورة الأولى : أن يتفقا على وقت انقضاء العدة ويختلفا في وقت الرجعة فتقول : إن عدتها انقضت يوم الجمعة مثلا وهو يوافقها على ذلك ولكن يقول : إنه راجعها يوم الخميس قبل انقضاء العدة وهي تقول : بل راجعني يوم السبت بعد انقضاء العدة ولم تكن قد تزوجت غيره ولم يكن له بينة على رجعته وحكم هذه الصورة أن القول للمرأة بيمينها فتحلف على العلم أي تقول والله لا أعلم أنه راجع يوم الخميس وبذلك تصدق ولا يكون له عليها حق الرجعة .
( يتبع . . . )