( تابع . . . 3 ) : - يبطل حق الزوج في الرجعة بانقضاء عدة الزوجة بالحيض ثلاث مرات إن .
الصورة الثانية : عكس الأولى وهي أن يتفقا على وقت الرجعة ويختلفا في وقت انقضاء العدة والمسألة بحالها كأن يقول : إنه رجعها يوم الجمعة وأنها ولدت يوم السبت بعد الرجعة وهي توافقه على أنه راجعها يوم الجمعة ولكنها ولدت يوم الخميس قبل الرجعة وفي هذه الحالة يكون القول قول الزوج بيمينه فيحلف بأن عدتها لم تنقض يوم الخميس وتثبت رجعته وذلك لأنها في هذه الصورة قد اعترفت بالرجعة فكان الأصل وجود الرجعة وعدم انقضاء العدة حال الرجعة فيعمل بالأصل ويكون القول للزوج بعكس الصورة الأولى فإن الاتفاق فيه على انقضاء العدة فالزوج معترف بانقضاء العدة فكأن الأصل في هذه الحالة حصول انقضاء العدة وعدم الرجعة حال انقضاء العدة فعمل بهذا الأصل وجعل القول للزوجة بيمينها .
الصورة الثالثة : أن تدعي أنها ولدت قبل أن يراجعها وهو قد ادعى أنه راجعها قبل أن تلد ولم يعين أحدهما وقتا وفي هذه الحالة تقبل دعوى السابق منهما سواء رفعها إلى حاكم أو محكم وذلك لأنها إن سبقت الزوجة فادعت أن عدتها انقضت وأنه لم يراجعها في العدة وحضر الزوج فوافقها على انقضاء العدة ولكنه قال : إنه راجعها قبل انقضائها فقد اتفقا على الانقضاء واختلفا في الرجعة وفي هذه الحالة يكون الأصل عدم الرجعة وإن سبق الزوج فادعى الرجعة كانت الرجعة هي الأصل لأنه سبق بذكرها قبل أن تدعي المرأة انقضاء عدتها فتقررت الرجعة وهي موافقة عليها إلا أنها حصلت بقضاء العدة ولكن الأصل عدم انقضاء العدة في هذه الحالة وبعضهم يقول : إن حضرت أمام الحاكم من غير تراخ وادعت أنه راجعها بعد العدة كان القول لها ولكن الراجح الأول .
والحاصل أنها إن حضرت أولا أمام الحاكم أو المحكم وادعت أن عدتها انقضت قبل الرجعة ثبت قولها لأن لها الحق فيه ما دام الزمن يسع انقضاء العدة وتقرر أمام الحاكم فإذا حضر بعدها وادعى أنه راجعها قبل العدة كان قوله لغوا وإذا حضر هو أمام الحاكم وقرر أنه راجعها ثبت قوله لأن له الحق في ذلك فإذا حضرت بعده وقالت : إنه راجعها بعد انقضاء العدة كان قولها لغوا .
الصورة الرابعة : أن تتزوج غيره ثم يدعي أنه راجعها قبل أن تنقضي عدتها ولا بينة له وفي هذه الحالة تسمع دعواه وله عليها الحلف فإن حلفت بأن عدتها قد انقضت فذاك وإن أقرت فإنها تلزم بدفع مهر مثلها لزوجها الأول . ولا يفسخ نكاحها من الثاني لكونه صحيحا في الظاهر ولاحتمال أنها كاذبة في إقرارها لتتخلص من زوجها الثاني نعم إذا مات زوجها الثاني أو طلقها فإنها ترجع إلى زوجها الأول بلا عقد جديد عملا بإقرارها واستردت منه المهر الذي غرمته له إذا أقام الزوج الأول بينة على أنه راجعها في العدة فإن عقدها على الثاني يفسخ .
وبهذا تعلم أن إقرارها بأنها تزوجت بالثاني قبل انقضاء عدت الأول لا يعتبر لأنها كذبت نفسها فإن إقدامها على التزوج إقرار بانقضاء العدة فإذا قالت بعد ذلك : إن عدتها لم تنقص احتمل أنها كاذبة في الثاني لتتخلص من زوج الثاني فلم يعمل به ولكن لما كان يحتمل أنها صادقة فيه من جهة أخرى وقد ادعى الزوج الأول أنه راجعها فإنه يعمل به من هذه الناحية إذا طلقت من زوجها الثاني فتعود إليه بدون عقد جديد أما البينة فإن الشأن فيها الصدق ومتى شهدت بأنه راجعها قبل انقضاء العدة فقد ثبت بطلان العقد الثاني فيفسخ . الصورة الخامسة : أن يدعي أنه طلقها بعد أن وطئها فله مراجعتها وهي أنكرت الوطء وفي هذه الحالة يكون القول لها بيمينها لأن الأصل عدم الوطء ثم إنه أقر لها بالمهر كاملا وهي لا تدعي إلا نصفه فإن كانت قد قبضته فلا رجوع له بشيء عملا بإقراره وإن لم تكن قبضت فلا تطالبه عملا بإقراره فإن أخذت النصف ثم اعترفت بعد ذلك بوطئه إياها فهل تستحق النصف الآخر بناء على اعتراف الزوج الأول أو لا بد من ذلك من اعتراف جديد من الزوج ؟ والمعتمد أنه لا بد فيه من اعتراف جديد .
الصورة السادسة : أن تنكر الزوجة الرجعة ثم تعترف بها وفي هذه الحالة يقبل اعترافها .
الحنابلة - قالوا : ينقطع حق الزوج في الرجعة بانقضاء العدة فإذا انقضت العدة فلا رجعة لمفهوم قوله تعالى : { وبعولتهن أحق بردهن } فإن الرد للموصوف بكونه بعلا وهو الزوج فإذا انقضت العدة لم يكن بعلا وتنقضي العدة بأمور .
أحدها : أن تطهر من الحيضة الثالثة إن كانت حرة . أو من الحيضة الثانية إن كانت أمة ومعنى طهرها أن تغتسل بعد انقطاع الدم فإن لم تغتسل لا تنقضي عدتها ويكون له الحق في رجعتها ولو مكثت عشر سنين لم تغتسل وذلك لأن عدم الغسل يحرم على الزوج وطأها كالحيض وحيث أن الحيض يجعل له الحق في الرجعة فكذلك عدم الغسل لأنه كالحيض في منع الزوج من الوطء فكان له حكمه ولا تحل للأزواج قبل الاغتسال بحال من الأحوال ولكن إذا مات زوجها قبل أن تغتسل فلا ترثه وكذا إذا ماتت هي لا يرثها لأن انقطاع الدم كاف في انقضاء العدة بالنسبة للميراث وكذا بالنسبة للطلاق فلو طلقها ثانية بعد انقطاع دم الحيضة الأخيرة لا يلحقها الطلاق لأنها تعتبر بائنة وكذا بالنسبة للنفقة وسائر حقوق الزوجية فإنها تنقطع بانقطاع دم الحيضة الأخيرة ولو لم تغتسل .
والحاصل أن انقطاع دم الحيضة الأخيرة تبطل به حقوق الزوجية ولو لم تغتسل ماعدا الرجعة وحلها للأزواج فإنهما لا يبطلان إلا بالغسل .
واعلم أن الحنابلة يقولون : إن القرء هو الحيض ولا بد أن تحيض الحرة ثلاث حيضات وأقل مدة يمكن أن تحيض فيها ثلاث حيض تسعة وعشرون يوما ولحظة لأن أقل الحيض يوم وليلة وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما فإذا فرض وطلقها في آخر الطهر ثم حاضت عقب الطلاق يوما وليلة حسبت لها حيضة فإذا طهرت واستمر طهرها ثلاثة عشر يوما حسب بها فإذا حاضت يوما وليلة حسبت لها حيضة ثانية فيكون المجموع خمسة عشر يوما فإذا طهرت ثلاثة عشر يوما حسب له طهر فإذا حاضت بعده يوما وليلة حسبت لها حيضة ثالثة وذلك أربعة عشر يوما فإذا ضمت إلى خمسة عشر كان المجموع تسعة وعشرين يوما أما اللحظة الباقية فهي أن تدخل في الطهر من الحيضة الثالثة لأن بهذه اللحظة يعرف انقضاء الحيضة وهي ليست من العدة فإن ادعت أن عدتها انقضت في اقل من هذه المدة فلا تسمع دعواها وأما الأمة فيمكن انقضاء عدتها في خمسة عشر يوما ولحظة .
ثانيها : أن تضع الحمل كله بحيث لو نزل بعضه يكون له الحق في الرجعة وإذا كانت حاملا في اثنين ووضعت أحدهما فإن العدة لا تنقضي ما لم ينزل الثاني ويكون له الحق في الرجعة قبل نزوله فإن لم يراجعها حتى وضعت الحمل كله فإنه لا يكون له حق في رجعتها وتحل للأزواج ولو لم ينقطع نفاسها وكذا لو لم تغتسل منه لأن العدة تنقضي بوضع الحمل لا بانقطاع النفاس ولا بالغسل منه وإذا تزوجت المطلقة رجعيا قبل أن تنقضي عدتها فإنها تعتبر في عدة الزوج الأول حتى يطؤها الثاني . مثلا إذا حاضت الحرة حيضتين ثم عقد عليها آخر فإنها تعتبر في عدة الأول بعد العقد عليها بحيث لو حاضت مرة ثالثة بعد العقد وطهرت منه بأن اغتسلت بعد انقطاعها قبل أن يطأها الزوج الثاني انقضت عدة الزوج الأول لأن العقد الثاني لا قيمة له فإذا راجعها قبل ذلك صحت رجعته أما إذا وطئها الزوج الثاني فإن عدة الزوج الأول تقف عند الوطء بحيث لا يحسب حيضها بعد الوطء من عدة الزوج الأول فيحل له رجعتها وإذا حملت من الزوج الثاني كان له الحق في رجعتها مدة الحمل وبعد الوضع أيضا لأن الوضع ليس منه فبه تنقضي عدتها من الثاني أما عدتها من الأول فباقية ولم يقطعها ظاهرا إلا وطء الزوج الثاني وإذا رجعت إلى الأول فإنه لا يحل له وطؤها إلا بعد أن تضع حملها وتطهر من نفاسها وإذا أمكن أن تكون حاملا من الأول ووطئها الثاني فأكمله فإن للأول رجعتها قبل وضعه لأنه إن كان من الأول فرجعته صحيحة قبل الوضع وإن كان من الثاني فالأمر ظاهر أما إذا راجعها بعد الوضع فإن الرجعة لا تصح إلا إذا كان الولد من الثاني كما عرفت أما إذا كان من الأول فالرجعة باطلة لأن العدة تكون قد انقضت بالوضع .
هذا وإن ادعت انقضاء عدتها بوضع الحمل كاملا ليس سقطا لم يقبل قولها في أقل من ستة أشهر من حين إمكان الوطء بعد العقد لأن ذلك أقل مدة الحمل أما إن ادعت أنها أسقطت الحمل فإنه لم يقبل قولها في أقل من ثمانين يوما من إمكان الوطء بعد العقد لأن العدة لا تنقضي إلا بما يبين فيه الخلق والجنين لا يبين خلقه إلا بعد هذه المدة .
ثالثها : الأشهر إذا كانت يائسة من الحيض ولم تكن حاملا .
هذا وإذا قالت : قد انقضت عدتي فقال لها : كنت قد راجعتك ولا بينة له فالقول قولها لأنها تملك الادعاء بهذا في الزمن الممكن وإن بدأ هو فقال : قد راجعتك فقالت له : قد انقضت عدتي فلم يصدقها كان القول قوله لأنه يملك الرجعة قبل قبولها وقد صحت في الظاهر فلا يقبل قولها في إبطالها .
وإذا قال لها : راجعتك أمس فإن قال لها ذلك وهي في العدة اعتبر رجعة وإن قال لها ذلك بعد انقضاء العدة فإن صدقته فذاك وإن لم تصدقه فالقول لها .
وإن اختلفا في الوطء قبل الطلاق فادعى أنه أصابها أو خلا بها - فله عليها حق الرجعة - وأنكرت كان القول لها لأن الأصل عدم الوطء فإن ادعت هي بعد الطلاق أنه أصابها أو خلا بها لتستحق كل المهر وأنكر هو كان القول قوله : لأنه المنكر . وهي لا تستحق في الموضعين إلا نصف المهر سواء أنكرت الوطء أو ادعته ولكن إذا ادعى أنه وطئها وأنكرت وكانت قبضت المهر فلا يرجع عليها بشيء أما إذا لم تكن قبضته فلا تستحق إلا نصفه وفي حالة ما إذا ادعت أنه أصابها وأنكر فإنه يرجع عليها بنصف المهر إذا كانت قد قبضته )