قوله قصد اللفظ في الصريح اقول هذا من غرائب الاجتهاد وعجائب الراي وكيف يؤاخذ من قصد التكلم باللفظ غير مريد لمعناه بما هو مدلول ذلك اللفظ مع انه غير مقصود ولا مراد واي تكليف ورد بمثل هذا واي شرع او لغة او عرف دل عليه فإن الالفاظ إنما هي قوالب المعاني ولا تراد لذاتها اصلا لا عند اهل اللغة ولا عند اهل الشرع فالمتكلم بلفظ الطلاق الصريح في معناه إذا لم يرد المعنى الذي وضع له ذلك اللفظ وهو فراق زوجته فهو كالهاذي الذي يأتي في هذيانه بألفاظ لا يريد معانيها ولا يقصد مدلولاتها فالحاصل ان من لم يقصد معنى اللفظ لم يؤاخذ به وإن تكلم به الف مرة ومن زعم غير هذا فقد جاء لما لم يعقل ولا يطابق شرعا ولا عقلا ولا رايا قويا نعم إذا جاء في لفظه بما هو طلاق صريح وقال إنه لم يقصد معناه ولا أراد مدلوله كان مدعيا لخلاف الظاهر لأنه ادعى ما لا يفعله العقلاء في غالب الاحوال ولكن لما كان القصد لا يعرف الا من جهته كان القول قوله مع يمينه إن خاصمته في ذلك امرأته او احتسب عليه محتسب واما قوله إنشاء كان او إقرارا او نداء او خبرا فكل هذه إذا وقعت من الزوج قاصدا بها معانيها كان ذلك طلاقا بلا شك ولا شبهة لا إذا لم يقصدها كما عرفناك قوله ولو هازلا اقول الهازل هو الذي تكلم باللفظ قاصدا لمعناه المراد منه ولكن اوقعه على طريقة الهزل ولم يوقعه على طريقة الجد اما لو لم يقصد به المعنى بكل تكلم باللفظ من غير قصد قط فإن هذا لا يصدق عليه انه هازل وهذا ظاهر مكشوف ووجه وقوع الطلاق من الهازل ورود الشرع بذلك وهو ما أخرجه احمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه