اختلفوا في التكفير وسببه .
وقد اختلف الناس في التكفير وسببه حتى صنف فيه مفردا والذي يرجع إليه النظر في هذا : أن مآل المذهب : هل هو مذهب أو لا ؟ فمن أكفر المبتدعة قال : إن مآل المذهب مذهب فيقول : المجسمة كفار لأنه عبدوا جسما وهو غير الله تعالى فهم عابدون لغير الله ومن عبد غير الله كفر ويقول : المعتزلة كفار لأنهم - وإن اعترفوا بأحكام الصفات - فقد أنكروا الصفات ويلزم من إنكار الصفات إنكار أحكامها ومن أنكر أحكامها فهو كافر وكذل المعتزلة تنسب الكفر إلى غيرها بطريق المآل .
والحق : أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة إلا بإنكار متواتر من الشرعية عن صاحبها فإنه حينئذ يكون مكذبا للشرع وليس مخالفة القواطع مأخذا للتكفير وإنما مأخذه مخالفة القواعد السمعية القطعية طريقا ودلالة .
وعبر بعض أصحاب الأصول عن هذا بما معناه : إن من أنكر طريق إثبات الشرع لم يكفر كمن أنكر الإجماع ومن أنكر الشرع بعد الاعتراف بطريقة كفر لأنه مكذب وقد نقل عن بعض المتكلمين أنه قال : لا أكفر إلا من كفرني وربما خفي سبب هذا القول على بعض الناس وحمله على غير محمله الصحيح والذي ينبغي أن يحمل عليه : أنه قد لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعا رجلا بالكفر - وليس كذلك - رجع عليه الكفر وكذلك قال عليه السلام [ من قال لأخيه : كافر : فقد باء بهما أحدهما ] وكأن هذا المتكلم يقول : الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين : إما المكفر أو المكفر فإذا أكفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا وأنا قاطع بأني لست بكافر فالكفر راجع إليه