قوله فليس منا .
وقوله عليه السلام [ فليس منا ] أخف مما مضى فيمن ادعى إلى غير أبيه لأنه أخف في المفسدة من الأولى إذا كانت الدعوى بالنسبة إلى المال وليس في اللفظ ما يقتضي الزيادة على الدعوى بأخذ المال المدعى به مثلا وقد يدخل تحت هذا اللفظ : الدعاوي الباطلة في العلوم إذا ترتبت عليها مفاسد .
وقوله [ فليس منا ] قد تأوله بعض المتقدمين في غير هذا الوضع بأن قال : ليس مثلنا فرارا من القول بكفره وهذا كما يقول الأب لولده - إذا أنكر منه أخلاقا أو أعمالا - لست مني وكأنه من باب نفي الشيء لانتفاء ثمرته فإن المطلوب أن يكون الابن مساويا للأب فيما يريده من الأخلاق الجميلة فلما انتفت هذه الثمرة نفيت البنوة مبالغة وأما من وصف غيره بالكفر : فقد رتب عليه الرسول A قوله [ حار عليه ] بالحاء المهملة : أي رجع قال الله تعالى { إنه ظن أن لن يحور } أي يرجع حيا وهذا وعيد عظيم لمن أكفر أحدا من المسلمين وليس كذلك هي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث لما اختلفوا في العقائد فغلظوا على مخالفيهم وحكموا بكفرهم وخرق حجاب الهيبة في ذلك جماعة من الحشوية وهذا الوعيد لاحق بهم إذا لم يكن خصومهم كذلك