الحديث 12 : النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة .
الحديث الثاني : عن أبي أيوب الأنصاري Bه قال : قال رسول الله A : [ إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا ] .
قال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله D .
الغائط : المطمئن من الأرض ينتابونه للحاجة فكنوا به عن نفس الحدث كراهية لذكره بخاص اسمه والمراحيض جمع المرحاض وهو المغتسل وهو أيضا كناية عن موضع التخلي .
الكلام عليه من وجوه .
أحدهما أبو أيوب الأنصاري اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة نجاري شهد بدرا ومات في زمن يزيد بن معاوية وقال خليفة : مات في أرض الروم سنة خمسين وذلك في زمن معاوية و قيل في سنة اثنتين و خمسين بالقسطنطينية .
الثاني : قوله [ إذا أتيتم الخلاء ] استعمل الخلاء في قضاء الحاجة كيف كان لأن هذا الحكم عام في جميع صور قضاء الحاجة و هو إشارة إلى ما قدمناه من استعمال هذه الفظة مجازا .
الثالث : الحديث دليل على المنع من استقبال القبلة و استدبارها والفقهاء اختلفوا في هذا الحكم على مذاهب فمنهم من منع ذلك مطلقا على مقتضى ظاهر الحديث ومنهم من أجازه مطلقا ورأى أن هذا الحديث منسوخ و زعم أن ناسخه حديث مجاهد عن جابر قال : [ نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها ] و ممن نقل عنه الترخيص في ذلك مطلقا : عروة بن الزبير وربيعة بن عبد الرحمن ومنهم من فرق بين الصحاري و البنيان فمنع في الصحاري و أجاز في البنيان بناء على أن ابن عمر روى الحديث الذي يأتي ذكره بعد هذا الحديث في البنيان فجمع بين الأحاديث فحمل حديث أبي أيوب - و ما في معناه - على الصحاري وحمل حديث ابن عمر على البنيان و قد روى الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها فقلت أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن هذا ؟ فقال : بلى إنما نهى عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك و بين القبلة شئ يسترك فلا بأس أخرجه أبو داود .
و اعلم أن حمل حديث أبي أيوب على الصحاري مخالف لما حمله عليه أبو أيوب من العموم فإنه قال : فأتينا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف عنها فرأى النهي عاما