باب الاستطابة الحديث 11 : ما يقول إذا دخل الخلاء .
11 - الحديث الأول : عن أنس بن مالك Bه : أن النبي A [ كان إذا دخل الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ] الخبث - بضم الخاء والباء - جمع خبيث والخبائث : جميع خبيثة استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم .
أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام - فتح الحاء والراء المهملتين - أنصاري نجاري خدم النبي A عشر سنين وعمر وولد له أولاد كثيرون يقال : ثمانون ثمانية وسبعون ذكرا وابنتان وكانت وفاته بالبصرة سنة ثلاث وتسعين وقيل : سنة خمس وتسعين وقيل : كانت سنة يوم مات : مائة وسبع سنين وقال أنس : أخبرتني ابنتي أمنة : أنه دفن لصلبي - إلى مقدم الحجاج البصرة - بضع وعشرون ومائة .
الكلام على هذا الحديث من وجوه .
أحدهما الاستطابة إزالة الأذى عن المخرجين بحجر وما يقوم مقامه مأخوذ من الطيب يقال : استطاب الرجل فهو مستطيب وأطاب فهو مطيب .
الثاني : الخلاء بالمد في الأصل : هو المكان الخالي كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة ثم كثر تجوز به عن غير ذلك .
الثالث : قوله [ إذا دخل ] يحتمل أن يراد به : إذا أراد الدخول كما في قوله سبحانه { فإذا قرأت القرآن } ويحتمل أن يراد به ابتداء الدخول و ذكر الله مستحب في ابتداء قضاء الحاجة فإن كان المحل الذي تقضى فيه الحاجة غير معد لذلك - كالصحراء مثلا - جاز ذكر الله في ذلك المكان وإن كان معدا لذلك - كالكنف - ففي جواز الذكر فيه خلاف بين الفقهاء فمن كرهه فهو محتاج إلى أن يؤول قوله [ إذا دخل ] بمعنى إذا أراد لأن لفظة دخل أقوى في الدلالة على الكنف المبنية منها على المكان البراح أو لأنه قد تبين في حديث آخر المراد حيث قال صلى الله عليه و سلم [ إن هذه الحشوش محتضرة فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل - الحديث ] وأما من أجاز ذكر الله تعالى في هذا المكان : فلا يحتاج إلى هذا التأويل ويحمل دخل على حقيقتها .
الرابع : الخبث بضم الخاء والباء جمع خبيث كما ذكر المصنف وذكر الخطابي في أغاليط المحدثين روايتهم له بإسكان الباء ولا ينبغي أن يعد هذا غلطا لأن فعلا - بضم الفاء والعين - يخفف عينه قياسا فلا يتعين أن يكون المراد بالخبث بسكون الباء ما لا يناسب المعنى بل يجوز أن يكون - وهو ساكن الباء - بمعناه وهو مضموم الباء نعم من حمله وهو ساكن الباء على ما لا يناسب المعنى فهو غلط في الحمل على هذا المعنى لا في اللفظ .
الخامس : الحديث الذي ذكرناه من قوله صلى الله عليه و سلم [ إن هذه الحشوش محتضرة ] أي للجان و الشياطين بيان لمناسبة هذا الدعاء المخصوص لهذا المكان المخصوص