الحديث 375 : ألا إنما أنا بشر فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض الخ .
الحديث الثالث : عن أم سلمة Bها [ أن رسول الله صلى عليه و سلم سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال : ألا إنما أنا بشر و إنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو يذرها ] .
فيه دليل على إجراء الأحكام على الظاهر و إعلام الناس بأن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك كغيره و إن كان يفترق مع الغير في إطلاعه على ما يطلعه الله عز و جل عليه من الغيوب الباطنة و ذلك في أمور مخصوصة لا في الأحكام العامة و على هذا يدل قوله عليه السلام [ إنما أنا بشر ] و قد قدمنا في أول الكتاب أن الحصر في إنما يكون عاما يكون خاصا هذا من الخاص وهو فيما يتعلق بالحكم بالنسبة إلى الحجج الظاهرة .
و يستدل بهذا الحديث من يرى أن القضاء لا ينفذ في الظاهر و الباطن معا مطلقا و إن حكم القاضي لا يغير حكما شرعيا في الباطن و اتفق أصحاب الشافعي على أن القاضي الحنفي إذا قضى بشفعة الجار للشافع أخذها في الظاهر و اختلفوا في حل ذلك في الباطن له على وجهين و الحديث عام بالنسبة إلى سائر الحقوق و الذين يتفقون عليه - اعني أصحاب الشافعي - أن الحجج إذا كانت باطلة في نفس الأمر بحيث لو اطلع عليها القاضي لم يجز له الحكم بها إن ذلك لا يؤثر و إنما وقع التردد في الأمور الاجتهادية إذا خالف اعتقاد القاضي اعتقاد المحكوم له كما قلنا في شفعة الجار