الحديث 374 : قول هند : إن أبا سفيان رجل شحيح الخ .
الحديث الثاني : عن عائشة Bها قالت [ دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني و يكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك و يكفي بنيك ] .
استدل به بعضهم على القضاء على الغائب و فيه ضعف من حيث أنه يحتمل الفتوى بل ندعي أنه يتعين ذلك للفتوى لأن الحكم يحتاج إلى إثبات السبب المسلط على الأخذ من مال الغير و لا يحتاج إلى ذلك في الفتوى و ربما قيل : إن أبا سفيان كان حاضرا في البلد و لا يقضي على الغائب الحاضر في البلد مع إمكان إحضاره و سماعه للدعوى عليه في المشهور من مذاهب الفقهاء فإن ثبت أنه كان حاضرا فهو وجه يبعد الاستدلال عنه الأكثرين من الفقهاء و هذا يبعد ثبوته إلا أن يؤخذ بطريق الاستصحاب بحال حضوره نعم فيه دليل على مسالة للظفر بالحق و أخذه من غير مراجعة من هو عليه و لم يدل الحديث على جواز أخذها من الجنس أو من غير الجنس و من يستدل بالإطلاق في مثل هذا يجعله حجة في الجميع و استدل به على أنه لا يتوقف أخذ الحق من مال من عليه على تعذر الإثبات عند الحاكم وهو وجه للشافعية لأن هندا كان يمكنها الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و أخذ الحق بحكمه و فيه دليل على أن النفقة غير مقدرة بمقدار معين بل بالكفاية لقوله [ ما يكفيك و بنيك ] .
و فيه دليل على تصرف المرأة في نفقة ولدها في الجملة و قد يستدل به من يرى أن للمرأة ولاية على ولدها من حيث أن صرف المال إلى المحجور عليه أو تمليكه له يحتاج إلى ولاية و فيه نظر لوجود الأب فيحتاج إلى الجواب عن هذا التوجيه المذكور فقد يقال إن تعذر استيفاء الحق من الأب أو غيره مع تكرر الحاجة دائما يجعله كالمعدم وفيه نظر أيضا .
و فيه دليل على جواز ذكر بعض الأوصاف المذمومة إذا تعلقت بها مصلحة أو ضرورة و فيه دليل على أن ما يذكر في الاستفتاء لأجل ضرورة معرفة الحكم إذا تعلق به أذى الغير لا يوجب تعزيرا