باب موانع الشهادة .
الموانع جمع مانع وهو ما يحول بين الشيء ومقصوده وهذه الموانع تحول بين الشهادة والمقصود منها وهو قبولها والحكم بها وهي سبعة بالاستقراء أحدها : كون مشهود له يملكه أي الشاهد له أو يملك بعضه إذ القن يتبسط في مال سيده وتجب نفقته عليه كالأب مع ابنه أو بهون مشهود له زوجا لشاهد لتبسط كل منهما في مال الآخر واتساعه بسعته ولو في الماضي بأن يشهد أحد الزوجين للآخر بعد طلاق بائن أوخلع فلا تقبل سواء كان شهد حال الزوجية فردت أولا خلافا لما في الاقناع لتمكنه من بينونتها للشهادة ثم يعيدها أو كون مشهود له من عمودي نسبه أي الشاهد فلا تقبل شهادة والد لولده وإن سفل من ولد البنين أو البنات وعكسه ولو لم يجر الشاهد بما شهد به نفعا غالبا لمشهود له ك شهادته له بعقد نكاح أو قذف ومنه شهادة الابن لأبيه أو جده باذن موليته في عقد نكاحها لعموم حديث الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا [ لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر - أي حقد - على أخيه ولا ظنين في قرابة ولا ولاء ] وفي إسناده يزيد بن زياد وهوضعيف ورواه الخلال بنحوه من حديث عمر وأبي هريرة والظنين : المتهم وكل من الوالدين والأولاد متهم في حق الآخر لأنه يميل إليه بطبعه لحديث [ فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ] وسواء اتفق دينهما أو اختلف وتقبل شهادة الشخص لباقي أقاربه كأخيه وعمه لعموم الآيات ولأنه عدل غيرمتهم قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن شهادة الأخ لأخيه جائزة و تقبل شهادة العدل لولده من زنا أو رضاع و لB والده من زنا أو رضاع لعدم وجوب الانفاق والصلة وعتق أحدهما على الآخر وعدم التبسط في ماله و تقبل شهادة العدل لصديقه وعتيقه ومولاه لعموم الآيات وانتفاء التهمة وردها ابن عقيل بصداقة وكيدة وعاشق لمعشوقه لأن العشق يطبش وإن شهدا أي العدلان على أبيهما بقذف ضرة أمهما وهي أي أمهما تحته أي أبيهما قبلا أو شهدا عليه بB طلاقها أي ضرة أمهما قبلا لأنها شهادة على أبيهما ومن ادعى على معتق عبدين أنه غصبهما أي العبدين قبل عتقهما منه فشهد العتيقان بصدقه أي مدعي غصبهما لم تقبل شهادتهما لعودهما بقبولهما إلى الرق وكذا لو شهدا أي العتيقان أن معتقهما كان حين العتق لهما غير بالغ ونحوه كجنونه أو جرحا شاهدي حريتهما فلا يقبل منهما ذلك لعودهما إلى الرق به ولو عتقا بتدبير أو وصية فشهدا أي العتيقان بدين أو وصية مؤثرة في الرق لم تقبل شهادتهما لاقرارهما بعد الحرية برقهما لغير سيد وهو لا يجوز الثاني من الموانع أن يجر الشاهد بها أي شهادته نفعا لنفسه كشهادته أي الشخص لرقيقه ولو مأذونا له أو مكاتبا لأنه رقيقه لحديث المكاتب عبد ما بقي عليه درهم أو شهادته لمورثه بجرح قبل اندماله فلا تقبل لأنه ربما يسري الجرح إلى النفس فتجب الدية للشاهد بشهادته فكأنه شهد لنفسه أو شهادته لموصيه لأنه يثبت له حق التصرف فيه فهو متهم أو شهادته لB موكله فيما وكل فيه لما تقدم ولو كانت شهادة الوصي والوكيل بعد انحلالهما أي الوصية والوكالة للتهمة لتمكنه من عزل نفسه ثم يشهد أو شهادته لشريكه فيما هو شريك فيه قال في المبدع لا نعلم فيه خلافا لاتهامه وكذا مضارب بمال المضاربة انتهى لأنها شهادة لنفسه أو شهادة لمستأجره بما استأجره فيه نصا كمن نوزع في ثوب استاجر أجيرا لخياطته أو صبغه أو قصره فلا تقبل شهادة الأجير به لمستأجره للتهمة أو شهادة ولي صغيرأو مجنون أو سفيه لB من في حجره لأنها شهادة بشيء هوخصم فيه ولأنه يأكل من أموالهم عند الحاجة فهو متهم أو شهادة غريم بمال لمفلس بعد حجر أو موت لتعلق حق غرمائه بماله بذلك فكأنه شهد لنفسه أو شهادة أحد الشفيعين بعفو الآخر عن شفعته لاتهامه بأخذ الشقص كله بالشفعة أو شهادة من له كلام أو أستحقاق وإن قل الاستحقاق في رباط أو مدرسة أو مسجد لمصلحة لهما قال الشيخ تقي الدين ولا شهادة ديوان الأموال السلطانية على الخصوم وتقبل شهادة وارث لمورثه في مرضه ولو مرض الموت المخوف وحال جرحه بدين لأنه لا حق له في ماله حين الشهادة وإنما يحتمل أن يتجدد له حق وذلك لا يمنع قبول الشهادة كشهادته لامرأة يحتمل أن يتزوجها أو غريم له بمال يحتمل أن يوفيه منه وإنما المانع ما يحصل به نفع عند الشهادة وأما منعه من شهادته لمورثه بالجرح قبل الاندمال لجواز أن يتجدد له وإن لم يكن له حق في الحال فلأن الدية إذا وجبت تجب للوارث الشاهد به ابتداء فكأنه شهد لنفسه بخلاف الدين فإنه إنما يجب للمشهود له ثم يجوزأن ينتقل ويجوزأن لا ينتقل ذكره في شرحه وفيه نظرعلى المذهب إذ الدية كما تقدم تجب للمورث ابتداء ثم تنتقل للوارث فهي كالدين في ذلك وإن حكم بها بشهادته أي بشهادة الوارث لمورثه ولو في مرضه بدين ثم مات المشهود له فورثه الشاهد لم يتغير الحكم لأنه لم يطرأ عليه ما يفسده الثالث من الموانع أن يدفع بها أي الشهادة ضررا عن نفسه ك شهادة العاقلة بجرح شهود قتل الخطأ أو شبه العمد لأنهم متهمون في دفع الدية عن أنفسهم ولوكان الشاهد فقيرا أو بعيدا لجواز أن يؤسر أو يموت من هو أقرب منه و كشهادة الغرماء بجرح شهود دين على مفلس أو ميت تضيق تركته عن ديونهم لما فيه من توفيرالمال عليهم وكشهادة الولي بجرح شاهد على محجوره والشريك بجرح شاهد على شريكه فيما هوشريك فيه و كشهادة كل من لا تقبل شهادته له إذا شهد بجرح شاهد عليه كسيد يشهد بجرح شاهد على قنه أو مكاتبه لأنه متهم بدفع الضرر عن نفسه قال الزهري مضت السنة في الاسلام أن لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين وهو المتهم وعن طلحة بن عبد الله بن عوف [ قضى رسول الله A أن لا شهادة لخصم ولا ظنين ] الرابع من الموانع العداوة لغير الله تعالى سواء كانت موررثة أو مكتسبة كفرحه بمساءته أو غمه بفرحه وطلبه له الشر فلا تقبل ممن شهد على عدوه لما تقدم إلا في عقد نكاح وتقدم في كتاب النكاح فتلغو الشهادة من مقذوف على قاذفه و من متطوع عليه الطريق على قاطعه فلا تقبل إن شهدوا أن هؤلاء قطعوا الطريق علينا أوعلى القافلة بل على هؤلاء وليس للحاكم أن يسألهم هل قطعوها عليكم معهم أو لم يقطعوها عليكم معهم ؟ لأنه لا يبحث عما شهدت به الشهود وإن شهدوا أنهم عرضوا لنا وقطعوا الطريق على غيرنا ففي الفصول تقبل قال وعندي لا أي لا تقبل فإن كانت العداوة لله تعالى لم تمنع فيقبل المسلم على الكافر والمحق من أهل السنة على البدعي لأن الدين يمنعه من ارتكاب محظور في دينه و تلغو الشهادة من زوج إذا شهد على امرأته في زنا لأنه يقر على نفسه بعداوته لها لإفسادها فراشه بخلاف شهادته عليها في قتل وغيره كسرقة وقود لانتفاء المانع وكل من قلنا لا تقبل شهادته له كعمودي نسبه ومكاتبه فإنها أي شهادته تقبل عليه لأنه لا تهمة فيها فتقبل شهادة الوصي على الميت والحاكم على من في حجره الخامس من الموانع الحرص على أدائها قبل استشهاد من يعلم بها فإن لم يعلم مشهود له بها لم يقدح وتقدم قبل الدعوى أو بعدها فترد وهل يصير مجروحا بذلك ؟ يحتمل وجهين في الترغيب إلا في عتق وطلاق ونحوهما كظهار لعدم اشتراط تقدم الدعوى فيها على الشهادة السادس من الموانع العصبية فلا شهادة لمن عرف بها وبالإفراط في الحمية كتعصب قبيله على قبيلة وإن لم تبلغ رتبة العداوة السابع من الموانع أن ترد شهادته لفسقه ثم يتوب ثم يعيدها فلا تقبل للتهمة في أنه إنما تاب لتقبل شهادته ولإزالة العار الذي لحقه بردها ولأن رده لفسقه حكم فلا ينتقض بقبوله ولو لم يؤدها أي الشهادة من تحملها فاسقا حتى تاب قبلت لأن العدالة ليست شرطا للتحمل ولا تهمة ولو شهد كافر أو غير مكلف أو أخرس فزال ذلك المانع بان أسلم الكافر أو كلف غير مكلف أو نطق الأخرس وأعادوها أى الشهادة قبلت لأن ردها لهذه الموانع لا غضاضة فيه فلا تهمة بخلاف ردها للفسق لا إن شهد لمورثه بجرح قبل برئه فردت أو شهد لمكاتبه بشيء فردت أو شهد شريك بعفو شريكه في شفعة عنها أي الشفعة فردت شهادته أو ردت شهادته لدفع ضرر عنه أو جلب نفع له أو لB عداوة فبرىء مورثه من جرحه وعتق مكاتبه وعفا الشاهد عن شفعته وزال المانع من دفع ضرر وجلب نفع وعداوة ثم أعادوها فلا تقبل لأن ردها كان باجتهاد الحاكم فلا ينقض باجتهاد ثان ولأنها ردت للتهمة كالرد للفسق والوجه الثاني يقبل قال في الأنصاف : وهو المذهب ورد في المغني التعليل السابق بما ذكرته في الحاشية ومن شهد بحق مشترك بين من ردت شهادته له كأبيه وأجنبي ردت نصا لأنها أي الشهادة لا تتبعض في نفسها قلت : وقياسه لوحكم له ولأجنبي