فصل ويسن لقاض أن يبدأ بالنظر في أمر المحبوسين .
لأن الحبس عذاب وربما كان فيهم من لا يستحق البقاء فيه فينفذ ثقة إلى الحبس فB يكتب أسماءهم و أسماء من حبسهم وفيم ذلك أي حبسهم كل واحد في رقعة منفردة لئلا يتكرر النظر في حال الأول لوكتبوا في رقعة واحدة ويخرج واحدة من الرقاع بالاتفاق كالقرعة ثم ينادي في البلد أنه أي القاضي ينظر في أمرهم أي المحبوسين في يوم كذا فمن له خصم محبوس فليحضر لأن ذلك أقرب لحضورهم من التفتيش عليهم فإذا جلس القاضي لوعده نظر ابتداء في رقاع المحبوسين فتخرج رقعة منها ويقال هذه رقعة فلان فمن خصمه فمن حضر له خصم نظر بينهما فإن كان المحبوس حبس لتعدل البينة أي بينة خصمه عليه فإعادته إلى الحبس مبنية على حبسه في ذلك والأصح حبسه إن كان في غيرحد فيعاد للحبس ويقبل قول خصمه أي المحبوس في أنه أي القاضي حبسه بعد تكميل بينته و بعد تعديلها لأن الظاهر أنه إنما حبسه لحق ترتب عليه وإن ذكر محبوس أنه حبسه بقيمة كلب أو خمر ذمي وصدقه غريم في ذلك خلي سبيله لأنه لا دين عليه وإن كذبه غريمه وقال بل بحق واجب غيرهذا فقوله لأنه الظاهر وإن بان حبسه في تهمة أو تعزير كافتيات على القاضي قبله ونحوه ككونه غائبا خلاه أي أطلقه أو أبقاه في الحبس بقدر ما يرى بحسب اجتهاده لأن التعذير مفوض إلى رأيه فاطلاقه أي المحبوس وإذنه أي القاضي ولو في قضاء دين و في نفقة ليرجع قاضي الدين والمنفق حكم و إذنه فى وضع ميزاب و وضع بناء من جناح وساباط بدرب نافذ بلا ضررحكم فيمنع الضمان لأنه كإذن الجميع و إذنه في غيره كوضع خشب على جدار جار بشرطه حكم وأمره أي القاضي بإراقة نبيذ حكم ذكره في الأحكام السلطانية في المحتسب وقرعته أي القاضي حكم يرفع الخلاف إن كان ثم خلاف وذكر الشيخ تقي الدين أنه لوأذن أوحكم لأحد باستحقاق عقد أوفسخ فعقد أوفسخ لم يحتج بعد ذلك إلى حكمه بصحته بلا نزاع وكذا نوع من فعله أي الحاكم كتزويجه يتيمة بالولاية العامة وسراء عين غائبة موصوفة بما يكفي في سلم لقضاء دين غائب وممتنع وعقد نكاح بلا ولي حيث رآه وفسخ لعنة وعيب ونحوه فهو حكم يرفع الخلاف إن كان وكذا نصبه لنحو ميزاب لنصبه A ميزاب العباس ومن ذلك بيعه لأرض العنوة لمصلحة وتركه لها بلا قسمة وقف لها على ما في المغني وحكمه أي القاضي بشيء كبيع عبد أعتقه من أحاط الدين بماله حكم يلازمه أي الشيء المحكوم به وهوبطلان العتق في المثال لأنه لازم لصحة البيع فلا يحكم غيره بخلافه لأنه نقض لحكمه وإقراره أي القاضي مكلفا غيره على فعل مختلف فيه أي في صحته أوحله ليس حكما بصحته أوحله إنه الإقرار عدم التعرض له وثبوت شيء عنده أي عند القاضي كوقف وبيع وإجارة ليس حكما به بضلرف إثبات صفة كعدالة وأهلية وصية فهوحكم على ما يأتي وكذا ثبوت سبب المطالبة كفرضه مهر مثل أو نفقة أوأجرة كما تقدم وتنفيذ الحكم يتضمن الحكم بصحة الحكم المنفذ قاله ابن نصر الله وفي كلام الأصحاب ما يدل على أنه أي التنفيذ حكم بل قد فسر في الشرح التنفيذ بالحكم في موضع وفي شرح المحررنفس الحكم في شيء لا يكون حكما بصحة الحكم فيه لكن لونفذه حاكم آخرلزمه إنفاذه لأن الحكم المختلف فيه صار محكوما به فلزمه تنفيذه كغيره وفي كلام بعضهم أي الأصحاب أنه أي التنفيذ عمل بالحكم المنفذ وإجازة له وإمضاء كتنفيذ الوارث الوصية حيث توقفت على الإجازة قال ابن نصر الله : والظاهرأنه ليس بحكم بالمحكوم به إذ الحكم بالمحكوم به تحصيل للحاصل وهو محال وإنما هوعمل بالحكم وإمضاء له كتنفيذ الوصية وإجازة له فكأنه يجيز هذا المحكوم به بعينه لحرمة الحكم وإن كان حبس ذلك المحكوم به غيره انتهى وذكر ابن الفرس الحنفي ما ملخصه : أن التنفيذ حكم إن كان الترافع عن خصومة وأن الحادثة الشخصية الواحدة يجوز شرعا أن تتوارد عليها الأحكام المتعددة المتفقة في الحكم الشرعي وأما التنفيذ المتعارف الآن المستعمل غالبا فمعناه إحاطة القاضي علما بحكم القاضي الأول على وجه التسليم وأنه غير معترض عليه ويسمى إتصالا ويتجوز بذكر الثبوت والتنفيذ فيه والحكم بالصحة يستلزم ثبوت الملك والحيازة قطعا فمن ادعى أنه ابتاع من المدعى عليه عينا واعترف له بذلك لم يجزللحاكم الحكم بصحة البيع بمجرد ذلك حتى يدعي المدعي أنه باعه العين المذكورة وهو مالك ويقيم البينة بذلك والحكم بالموجب بفتح الجيم حكم بموجب الدعوى الثابتة ببينة أو غيرها كالإقرار والنكول فالدعوى المشتملة على ما يقتضي صحة العقد المدعى به من نحو بيع أو إجارة الحكم فيها بالموجب حكم بالصحة لأنها من موجبه كسائرآثاره قال الولي العراقي فيكون الحكم بالموجب حينئذ أقوى مطلقا لسعته وتناوله الصحة وآثارها و الدعوى غير المشتملة على ذلك أي ما يقتضي صحة العقد المدعى به كأن ادعى أنه باعه العين فقط الحكم فيها بالموجب ليس حكما بها أي الصحة إذ موجب الدعوى حينئذ حصول صورة بيع بينهما ولم تشتمل الدعوى على ما يقتضي صحته حيث لم يذكرأن العين كانت للبائع ملكاولم تقم به بينة وصحة العقد تتوقف على ذلك بخلاف ما سبق لا يقال هوأيضا في الأولى لم يدع الصحة فكيف يحكم له بها لأن دعواها وإن لم تكن صريحة فهي واقعة ضمنا لأنها مقصود المشتري وقال بعضهم هو التقي السبكي وتبعه ابن قندس الحكم بالموجب يستدعي صحة الصيغة أي الإيجاب والقبول قولين كانا أو فعلين أو صيغة الوقف أو العتق كذلك وأهلية المتصرف من بائع وواقف ونحوهما ويزيد الحكم بالصحة كونه تصرفه في محله بأن يكون تصرفه فيما يملكه ولا مانع منه وقاله السبكي أيضا الحكم بالموجب هو الأثر أي الحكم بالأثر الذي يوجبه اللفظ أي يترتب على صيغة العاقد و الحكم بالصحة كون اللفظ أي الصيغة بحيث يترتب عليه الأثر من انتقال الملك ونحوه فالحكم بالموجب حكم على العاقد بمقتضى عقده لا حكم بالعقد بخلاف الحكم بالصحة وهما أي الحكم بالصحة والحكم بالموجب مختلفان فلا يحكم بالصحة إلا باجتماع لشروط أي شروط العقد المحكوم بصحته وإن لم يجتمع فهو حكم بالموجب والحكم بالاقرار ونحوه كالحكم بموجبه إذ معناه إلزام المقر بما أقر به وهوأثر إقراره .
ولا يحكم بالصحة نقله الولي العراقي عن شيخه البلقيني وقال : ولا يظهر لهذا معنى فليتأمل وقد رجع الشيخ الى ما ذكرته أولا من أن الحكم بالموجب يتضمن الحكم بالصحة والحكم بالموجب لا يشمل الفساد انتهى هذا رد لقول القائل أن الحكم بالموجب لا فائدة له لأن معناه حكمت بصحته إن كان صحيحا وبفساده إن كان فاسدا فهو تحصيل للحاصل وحاصل الجواب أن موجبه هي آثاره التي تترتب عليه والفساد ليس منها فلا يشمله الحكم بالموجب قال المنقح والعمل على ذلك وقالوا أي الأصحاب الحكم بالموجب يرفع الخلاف لأنه حكم على العاقد بمقتضى ما ثبت عليه من العقد فلووقف على نفسه وحكم بموجبه من يراه فليس لشافعي سماع دعوى الواقف في إبطال الوقف بمقتضى كونه وقفا على النفس حتى يتبين موجب لعدم صحة الوقف ككون الموقوف مرهونا مثلا وقد ذكر الولي العراقي في رسالة له ذكرها في شرحه فروقا بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب عن شيخه البلقيني مع مناقشته له واذكر ملخص ما اختاره غيرما سبق منها أن الحكم بالموجب يتناول الآثار بالتنصيص عليها للاتيان بلفظ عام يتناول جميع آثارها فإن موجب الشيء هومقتضاه وهومفرد مضاف فيعم كل موجب بخلاف لفظ الصحة فإنها إنما تتناول الآثار بالتضمن لا بالتنصيص عليها ومقتضاه أن يكون الحكم بالموجب أعلى وهوخلاف الاصطلاح ولوحكم حنفي بموجب التدبيرلم يجز بيعه بعد لأن من موجبه منع بيع المدبرفقد صارمحكوما بعدم بيعه في وقته بخلاف ما لو علق مكلف طلاق أجنبية على تزويجه بها وحكم بموجبه حنفي أو مالكي ثم تزوج بها وبادر شافعي وحكم باستمرار العصمة وعدم وقوع الطلاق نفذ حكمه ولم يكن نقضا لحكم الأول بموجب التعليق لأنه يتناول وقوع الطلاق لوتزوج بها لأنه أمر لم يقع إلى الآن فكيف يحكم على ما لم يقع ومنها إذا كان الصادر صحيحا باتفاق ووقع الاختلاف في موجبه فالحكم بالصحة لا يمنع من العمل بموجبه عند غير الحاكم بالصحة ولوحكم فيه بالموجب امتنع العمل بموجبه عند غير الحاكم بالموجب ولا بأس بهذا الفرق لكنه مقيد بما إذا كان جاء وقت الحكم بموجبه فمتى لم يجىء وقته فلغيره الحكم بموجبه عنده عند برء وقته وقد يكون الحكم بالموجب أقوى كما لوحكم شافعي بموجب شراء دار فليس للحنفي أن يحكم بشفعتها للجار بخلاف ما لوكان الشافعي حكم بالصحة وكذا لوحكم بصحة التدبيرلم يمنع حكم الشافعي ببيعه بعد بخلاف ما لو حكم بموجبه وكذا لوحكم شافعي بصحة إجارة ثم مات مؤجر فللحنفي إبطالها بالموت ولوكان حكم بموجبها لم يكن للحنفي الحكم بإبطالها بالموت لأن من موجبها الدوام والاستمرار للورثة ونازع العراقي في هذه الصورة الثالثة وفرق بينها وبين اللتين قبلها بأن الحكم بموجب الإجارة قبل الموت لم يتوجه إلى عدم الإنفساخ لأنه لم يجىء وقته ولم يوجد سببه ولووجه الحكم إليه فقال : حكمت بعدم إنفساخ الإجارة إذا مات المستأجر لم يكن ذلك حكما وكيف يحكم على ما لم يقع قلت وفيه نظر لأن عدم انفساخ الإجارة هومعنى لزومها وهوموجود منذ تفرقا من المجلس فهو كمنع بيع المدبرعند الحنفي بلا فرق ثم نقل عن شيخه البلقيني ضابطا وهوأن المتنازع فيه إن كان صحة ذلك الشيء وكانت لوازمه لا تترتب إلا بعد صحته كان الحكم بالصحة رافعا لخلاف واستويا حينئذ وإن كان المتنازع فيه الآثار واللوازم كان الحكم بالصحة غيررافع للخلاف وكان الحكم بالموجب رافعا وقوي الموجب حينئذ وإن كانت آثاره تترتب مع فساده قوي الحكم بالصحة على الحكم بالموجب لكن لوحكم حنفي بموجب وقف شرط فيه التغيير والزيادة والنقص فهل للشافعي المبادرة بعد التغيير إلى الحكم بإبطاله لأنه إلى الآن لم يقع كما سبق في مسألة التعليق أو ليس له ذلك كمسألة التدبيروالشفعة لأن حكم الحنفي بموجبه يتضمن الإذن للواقف في التغييرفقد فعل ما هو مأذون له فيه من حاكم شرعي فليس لحاكم آخرمنعه قال وقد تحررمن الفرق بين الحكم بالموجب والصحة أن الحكم بالصحة متوجه إلى نفس العقد صريحا وإلى آثاره تضمنا وأن الحكم بالموجب متوجه إلى الآثار صريحا وإلى نفس العقد تضمنا فليس أحدهما أقوى من الآخر إلا على ما بحثته من توجه الحكم بالموجب إلى صحة العقد وجميع آثاره صريحا فإن الصحة من موجبه فيكون الحكم بالموجب حينئذ أقوى مطلقا لسعته وتناوله الصحة وآثارها ثم رجع المصنف إلى أمر المحابيس فقال ومن لم يعرف خصمه وأنكره المحبوس بأن قال حبست ظلما ولا حق علي ولا خصم لي نودي بذلك في البلد قال في المقنع ومن تبعه : ثلاثا ولم يذكره في المحرر و الفروع وغيرهما ولعل التقييد بالثلاث أنه يشتهر بذلك ويظهرأن الغريم إن كان غائبا ومن لم يقيد فمراده أنه ينادي عليه حتى يغلب على الظن أنه ليس له غريم ويحصل ذلك غالبا في ثلاث : فالمعنى في الحقيقة واحد كما أشار إليه في الإنصاف فإن لم يعرف خصمه بعد ذلك خلفه أي المحبوس حاكم وخلاه أي أطلقه إذ الظاهرأنه لوكان له خصم لظهر ومع غيبة خصمه المعروف يبعث إليه ليحضر للبحث عن أمر المحبوس ومع جهله أو تأخره بلا عذر يخلى سبيله والأولى أن يكون ذلك بكفيل احتياطا قلت : ولعله إن لم يعلم حبسه بدين شرعي وإلا لم يجز إطلاقه إلا إذا أدى أوثبت إعساره كما في باب الحجر