كتاب الحدود .
وهي جمع حد وهو لغة المنع وحدود الله محارمه لقوله تعالى : { تلك حدود الله فلا تقربوها } وحدوده أيضا ما حده وقدره كالمواريث وتزويج الأربع لقوله تعالى : { تلك حدود الله فلا تعتدوها } وما حده الشرع لا تجوز فيه زيادة ولا نقصان وعرفا عقوبة مقدرة شرعا في معصية من زنا وقذف وشرب وقطع طريق وسرقة لتمنع تلك العقوبة من الوقوع في مثلها أي المعصية سمى بذلك إما من المنع لمنعه الوقوع في مثل تلك المعصية أو من التقدير لأنه مقدر شرعا أو من معنى المحارم لأنها كفارة لها أو زواجر عنها ولا يجب حد إلا على مكلف لحديث [ رفع القلم عن ثلاثة ] رواه أبو داود و الترمذي وحسنه والحد أولى بالسقوط من العبادة لعدم التكليف لأنه يدرأ بالشبهة ومن يخنق إن أقر أنه زنى في إفاقته أخذ بإقراره وحد وإن أقر في إفاقته أنه زنى ولم يضفه إلى حال أو شهدت عليه بينة أنه زنى ولم تضفه إلى حال إفاقته فلا حد للاحتمال وكذا لاحد على نانم ونائمة ملتزم أحكامنا من مسلم وذمي بخلاف حربي ومستأمن وتقدم في الهدنة يؤخذ مهادن بحد لآدمي كحد قذف وسرقة لا بحد لله كزنا عالم بالتحريم لقول عمر وعثمان وعلي لاحد إلا على من علمه فلا حد عل من جهله كمن جهل تحريم الزنا أو عين المرأة كمن زفت إليه غير امرأته فوطئها ظنا أنها أمرأته لحديث [ ادرؤا الحدود بالشبهات ما استطعتم ] وإقامته أي الحد للإمام ونائبه مطلقا أي سواء كان الحد لله تعالى كحد زنا أو لآدمي كحد قذف لأنه يفتقر إلى الاجتهاد ولا يؤمن فيه الحيف فوجب تفويضه الى نائب الله تعالى في خلقه .
ولأنه A كان يقيم الحدود في حياته وكذا خلفاؤه من بعده ويقوم نائب الإمام فيه مقامه لقوله A [ واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها وأمر برجم ماعز ولم يحضره ] وقال [ في سارق أني به اذهبوا به فاقطعوه ] وتحرم شفاعة في حد الله تعالى بعد أن ييلغ الإمام و يحرم قبولها أي الشفاعة في حد الله تعالى بعد أن يبلغ الإمام لقوله A [ فهلا قبل أن تأتيني به ] ولأن الشفاعة فيه طلب فعل محرم على من طلب منه ولسيد حر مكلف عالم به أي الحد وبشروطه ولو كان السيد فاسقا أو امرأة اقامته أي الحد بجلد وإقامة تعزير على رقيق كله لا مبعض له لقوله A [ أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ] ولأن السيد يملك تأديب رقيقه وضربه على الذنب وهذا من جنسه ولكون سبب ولايته الملك استوى العدل والذكر فيه وضدهما وعلم منه أنه ليس لمكاتب ولا شريك في قن إقامته عليه لقصور ولايته ولا لغيرمكلف لأنه مولي عليه ولو كان الرقيق مكاتبا أو مرهونا أو مستأجرا فلسيده جلده في الحد بشرطه لعموم الخبر ولتمام ملكه عليهم وما ذكره في المكاتب تبع فيه التنقيح و الفروع ونقل في تصحيح الفروع عن أكثر الأصحاب خلافه لاستقلاله بمنافعه وكسبه و لا يقيمه سيد على أمة مزوجة لقول ابن عمرإذا كانت الأمة مزوجة رفعت إلى السلطان فإن لم يكن لها زوج جلدها سيدها نصف ما على المحصن ولا يعرف له مخالف من الصحابة ولأن منفعتها مملوكة لغيره ملكا غيرمقيد بوقت أشبهت المشتركة وما ثبت مما يوجب الحد على رقيق يعلمه أي السيد برؤية أو غيرها أو إقرار رقيق ك الثالث ببينة لأنه يجري مجرى التأديب بخلاف الحاكم فإنه متهم وللسيد سماع البينة على رقيقه إذا علم شروطها وليس له أي السيد قتل في رده و لا قطع في سرقة لأن الأصل تفويض إقامة الحد إلى الإمام وإنما فوض إلى السيد الجلد خاصة لأنه تأديب والحديث جاء في جارية زنت فالظاهر أنه إنما أرأد ذلك الحد وشبهه ولأن في الجلد سترا على رقيقه لئلا يفتضح بإقامة الإمام الحد عليه فتنقص قيمته وذلك منتف فيهما وتجب إقامة الحد ولوكان من يقيمه أي الحد شريكا أو عونا لمن يقيمه أي الحد عليه في تلك المعصية لوجوب الأمر بمالمعررف والنهي عن المنكر حتى في هذه الحالة ولا يجمع بين معصيتين وتحرم إقامته أي الحد بمسجد لحديث حكيم بن حزام [ أن رسول A نهى أن يستقاد بالمسجد وأن تنشد الأشعار بالمسجد وأن تقام فيه الحدود ] ولأنه لا يؤمن من حدوث ما يلوث المسجد فإن أقيم به لم يعد لحصول المقصود من الزجر أو أي ويحرم أن يقيمه أي الحد إمام أو نائبه بعلمه أي بلا بينة لقوله تعالى : { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } ولقوله تعالى : { لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } ولأنه لا يجوز له التكلم به فالعمل أولى حتى لو رماه بما علمه منه لكان قاذفا بحد للقذف أو أي ويحرم أن يقيم الحد وصى على رقيق موليه لأنه لا ملك له فيه كأجنبي فلا يقيمه على رقيق غيره ولا يضمن من أقام حدا على من ليس له إقامته عليه فيما حده الإتلاف كقتل زان محصن وقطع قي سرقة لكن يؤدب الفاعل لافتياته على الإمام ويضرب الرجل الحد قائما ليعطي كل عضو حظه من الضرب بسوط قال في الرعاية : من عنده حجم السوط بين القضيب والعصا وهومعنى مافي شرح المهذب للحنفية وفي المختار لهم بسوط لا ثمرة له قال في المبدع : فيتعين أن لا يكون من الجلد لا خلق نصا بفتح اللام لأنه لم يؤلم ولا جديد لئلا يجرح وفي الرعاية بين اليابس والرطب وروى مالك عن زيد بن أسلم مرسلا [ أن رجلا اعترف عند النبي A فأتي بسوط مكسور فقال : فوق هذا فأتى بسوط جديد لم تكسر ثمرته فقال : بين هذين ] وروى عن أبي هريرة مسندا وعن علي ضرب بين ضربين وسوط بين سوطين أي لا شديد فيقتل ولا ضعيف فلا يردع بلا مد ولا ربط ولا تجريد من ثياب لقول ابن مسعود : ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد ولم ينقل عن أحد من أصحابه A فعل ذلك ويكون عليه القميص والقميصان وينزع عنه فرو وجبة محشوة لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب ولا يبالغ في ضرب بحيث يشق الجلد لأن القصد أدبه لا إهلاكه ولا يبدي ضارب إبطه في رفع يد للضرب نصا وسن تفريقه أي الضرب على الأعضاء ليأخذ منه كل عضو حظه وتوالي الضرب عل عضوواحد يؤدي إلى قتله وهو مأمور بعدمه قال في الشرح : ويكثر منه في مواضع اللحم كالإليتين والفخذين ويضرب من جالس ظهره وما قاربه أي الظهر ويجب في الجلد اتقاء وجه و اتقاء فرج و اتقاء مقتل كفؤاد وخصيتين لئلا يؤدي ضربه في شيء من هذه المواضع الى قتله وإذهاب منفعته والقصد أدبه فقط وامرأة كرجل إلا أنها تضرب جالسة لقول علي تضرب المرأة جالسة والرجل قائما وتشد عليها ثيابها وتمسك يداها لئلا تتكشف ولأن المرأة عورة وفعل ذلك أستر لها ويجزىء ضرب في حد بسوط مغصوب على خلاف مقتضى النهي للإجماع ذكره في التمهيد وتعتبر لإقامة حد نية بأن ينويه لله ولما وضع الله ذلك لحديث إنما الأعمال بالنيات لكن إن نوى الإمام وأمر عبدا أعجميا لا معرفة له بالنية أجزأت نية الإمام والعبد كالآلة ذكره في الفصول فلو حده للتشفي أثم ويعيده ذكره في المنثور عن القاضي وظاهر كلام جماعة لا وهو أظهر ذكره في الفروع و لا تعتبر موالاة الضرب في الجلد لزيادة العقوبة ولسقوطه بالشبهة وأشده أي الجلد في الحدود جلد زنا ف جلد قذف ف جلد شرب خمر ف جلد تعزير لأنه تعالى خص الزنا بمزيد تأكيد بقوله تعالى : { ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } فاقتضى مزيد تأكيد ولا يمكن ذلك في العدد فيكون في الصفة ولأن ما دونه أخف منه في العدد فكذا ني الصفة فدل على أن ما خف عدده في صفته وإن رأى إمام أو نائبه الضرب في حد شرب مسكر بجر يد أو نعال وقال جمع وبأيد قال المنقح وهو أظهر فله ذلك لحديث أبي داود عن أبي هريرة [ أن النبي A أتى برجل قد شرب فقال اضربوه ] قال أبو هريرة فمنا الضمارب بنعله والضارب بثوبه والضارب بيده ولا يؤخر استيفاء حد لمرض ولو رجى زواله لأن عمرأقام الحد على مدامة بن مظعون في مرضه ولم يؤخره وانتشر ذلك ولم ينكره لأن الأصل في الأمر أنه للفور فلا يؤخر المأمور به بلا حجة ولا يؤخر الحر أو برد أو ضعف لما تقدم فإن كان الحد جلدا وخيف على المحدود من السوط لم يتعين فيقام عليه الحد بطرف ثوب وعثكول نخل والعثكول بوزن عصفور هو الضغث بالضاد والغين المعجمتين والثاء المثلثة فإذا أخذ ضغثا به مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة أجزأ لحديث أبي داود و النسائي عن أبي امامة بن سهل بن حنيف عن بعض أصحاب رسول الله A لكن قال ابن المنذر في إسناده مقال ولأن ضربه التام يؤدي إلى إتلافه وتركه بالكلية غيرجائز فتعين ما ذكر ويؤخر الحد لسكر حتى يصحو الشارب نصا فلو خالف وأقام الحد عليه في سكره سقط الحد إن أحس بألم الضرب كما لو يكن سكران و إلا يحس بألم الضرب فلا الحد يسقط لأنه لم يوجد ما يزجره ويؤخر قطع في سرقة ونحوها خوف تلف محدود بقطعة لما مر أن القصد زجرة لا إهلاكه ويحرم بعد إقامة حد حبس محدود وإيذاؤه بكلام كالتعيير لنسخه بمشروعية الحد كنسخ حبس المرأة ومن مات بجلد في تعزير أو مات في حد بقطع أو جلد ولم يلزمه تأخيره أي الحد ف هو هدر لأنه مات من فعل مأذون فيه شرعا ولأن الإمام نائب عن الله تعالى ورسوله فكان التلف منسوبا إلى الله فإن لزم تاخير الحد بأن كانت حاملا أوكان مريضا ووجب عليه القطع واستوفاه إذن فتلف المحدود ضمنه لعدوانه ومن زاد في عدد جلد ولو كان الزائد جلدة أو زاد في السوط الذي ضرب به أو اعتمد في ضربه فتلف المحدود ضمنه بديته أو ضربه بسوط لا يحتمله المضروب فتلف ضمنه الضارب بديته كاملة لحصول تلفه بعدوانه وكا لوألقى حجرا ونحوه على سفينة موقورة فخرقها ومن أمر بالبناء للمفعول بزيادة على الجلد الواجب في الجلد فزاد جهلا بعدد الضرب الواجب فمات المضروب ضمنه آمر لأن الجلاد معذور بالجهل وإلا يجهل الجلاد ذلك فضارب يضمنه وحده كمن أمره السلطان بالقتل ظلما فقتل مع العلم به وإن تعمده أي الزائد العاد فقط أي دون الآمر والضارب ضمنه العاد لحصول التلف بسبب تعمد أو أخطأ العاد وادعى ضارب الجهل بالزيادة ضمنه العاد لحصول التلف بسببه ويقبل قول ضارب في الجهل بذلك ليمينه ذكره في شرحه وتعمد إمام لزيادة شبه عمد تحمله عاقلته كما لورمى صيدا آدميا ولا يحفز لرجم ولو كان الرجم لأنثى و لو ثبت الزنا عليها ببينة لأنه A لم يحفزللجهينية ولا لليهوديين وتشد على المرأة ثيابها لئلا تنكشف عورتها لحديث أبي داود عن عمران بن حصين قال [ فأمر بها النبي A فشدت عليها ثيابها ] ويجب في إقامة حد زنا حضور إمام أو نائبه أومن يقوم مقامهما صححه في الإنصاف و يجب في حد زنا حضور طائفة من المؤمنين ولو واحدا أي مع من يقيم الحد نقله قي الكافي عن الاصحاب لقوله تعالى { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } وسن حضور من شهد بزنا أو سن بداءتهم أي الشهود برجم فلو ثبت بإقرار سن بداءة إمام من يقيمه إمام مقامه لما روى سعيد عن علي الرجم رجمان فما كان منه بإقرار فأول من يرجم الإمام و كان ببينة فأول من يرجم البينة ثم الناس ولأن فعل ذلك أبعد من التهمة في الكذب عليه والسنة أن يدور الناس حول المرجوم قاله في الشرح قال في الاقناع إن ثبت ببينة لا بإقرار لاحتمال أن يهرب فيترك ومتى رجع مقربه أي بزنا عن إقرار لم يقم أو رجع مقر بسرقة أو ب شرب خمر عن إقراره قبله أي قبل أن يقام علمه لحد ولو بعد الشهادة على إقراره بالزنا أو السرقة أو الشرب لم يقم عليه وإن رجع في أثنائه أي الحد أو هرب ترك لB [ أن ماعزا هرب فذكر ذلك للنبي A فقال هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ] قال ابن عبد البر ثبت من حديث أبي هريرة وجابر ومعمر بن هزال وغيرهم ولأن رجوعه شبهة والحدود تدرأ بالشبهات وكما رجعت البينة قبل إقامة الحد عليه وفارق سائر الحقوق لأنها لا تدرأ بالشبهات تمم حد على راجع عن إقراره فلا قود فيه للشبهة وضمن راجع صريحا لا هارب بالدية لزوال إقراره بالرجوع عنه بخلاف الهارب ومثله من طلب أن للحاكم لأن ذلك ليس صريحا في رجوعه وإن ثبت زنا أو سرقة أو شرب ببينة على الفعل أي فعل ما ذكر لا على الاقرار به فهرب محدود لم يترك لأنه لا لرجوعه ولا هربه إذن ومن أتى ما يوجب حدا ستر نفسه استحبابا لم يجب يسن أن يقر به عند حاكم لحديث إن الله ستير يحب من عباده الستير ومن قال الحاكم أصبت حدا فقط لم يلزمه شيء ما لم يبينه نصا ويحد عن زنا هزيلا ولو بعد سمنه وكذا عقوبة الآخرة كمن قطعت يده ثم زنى أعيدت بعد بعثه وعوقب ذكره في الفنون والحد كفارة لذلك الذنب الذي أوجبه نصا للخبر