فصل في مسائل متفرقة .
من تعليق الطلاق بالشروط إذا قال لامرأته : أنت طالق إذا رأيت الهلال أو أنت طالق عند رأسه أي الهلال وقع الطلاق إذا رؤى الهلال منها أو من غيرها وقد غربت الشمس لا قبله أو تمت العدة بتمام الشهر قبله ثلاثين يوما لأن رؤ ية الهلال في عرف الشرع العلم بأول الشهر لحديث إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا والمراد رؤ ية البعض وحصول العلم فانصرف لفظ الحالف إلى عرف الشرع كقوله إذا صليت فأنت طالق فإنه ينصرف إلى الصلاة الشرعية لا الدعاء بخلاف رؤ ية نحو زيد لأنه لم يثبت لها عرف يخالف اللغة ولا تطلق برؤية الهلال قبل الغروب وإن نوى العيان بكسر العين مصدر عاين أي نوى معاينة الهلال أي إدراكه بحاسة البصر خاصة منها أو من غيرها أو نوى حقيقة رؤيتها قبل منه حكما لأن لفظه يحتمله فلا تطلق حتى تراه في الثانية أويرى في الأولى وهو هلال أي يسمى بذلك من أول الشهر إلى ليلة ثالثة من الشهر ثم يقمر بعد الثالثة أي يسمى قمرا فلو طوى حقيقة رؤيتها له فلم تره حتى أقمر لم يحنث و إن قال لها إن رأيت زيدا فأنت طالق فرأته مطاوعة لا مكرهة ولو كان زيد ميتا أو في ماء أو زجاج ونحوه شفاف لا يحجب ما وراءه طلقت لوجود الصفة بحقيقة رؤ يتها فإن كان الزجاج غيرشفاف وكان فيه لم يحنث لعدم رؤيتها له للحائل إلا مع نية أو قرينة تخص الرؤ ية بحال فلا تطلق إذا رأته في غيرها ولا تطلق إن رأت خياله في ماء أو في مرآة أو جالسة عمياء لأنها لم تره إلا أن تكون نيته ان لا تجتمع معه فيحنث أن جالسته عمياء و إن قال من بشرتني أو أخبرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبره به عدد اثنان فأكثر من نسائه معا طلقن ذلك العدد لوقوع لفظة من على الواحد فأكثر قال الله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } وإلا يبشرنه أو يخبرنه معا بل مرتبات فسابقة صدقت تطلق لأن التبشيرحصل بإخبارها خبر صدق تتغيربه بشرة الوجه من سرور أو غم والخبر الكاذب وما بعد علم المخبر وجوده كعدمه وإلا تصدق السابقة فأول صادقة منهن تطلق لأن السرور أو الغم إنما يحصل بخبرها .
فائدة لوقال إن ظننت كذبي فأنت طالق فظنته به طلقت لا يقال الظن لاينتج قطعيا فكيف تطلق ؟ لأن المعنى إن حصل لك الظن بكذا الخ والحصول قطعي فينتج قطعيا ومن حلف عن شيء لا يفعله ثم فعله مكرها لم يحنث نصا لعدم إضافة الفعل إليه أو فعله مجنونا أو مغمى عليه أو نائما لم يحنث لأنه مغطى على عقله و أن فعله ناسيا لحلفه أو جاهلا أنه المحلوف عليه أو الحنث به كمن حلف لا يدخل دار زيد فدخلها جاهلا أنها دار زيد أو جاهلا الحنث إذا دخل وكذا لو حلف لا يبيع ثوب زيد فدفعه زيد لآخر ليدفعه لمن يبيعه فدفعه للحالف فباعه غيرعالم يحنث في طلاقه وعتقه فقط أو عقدها أي اليمين يظن صدق نفسه كمن حلف لا فعلت كذا ظانا أنه لم يفعله فبان بخلافه يحنث في حلفه بB طلاق وعتق لأن كلا منهما معلق بشرط وقد وجد ولأنه تعلق به حق آدمي كالاتلاف فقط أي دون اليمين المكفرة فلا يحنث فيها نصا لأنه محض حق الله تعالى فيدخل في حديث عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان و إن حلف عن شيء ليفعلنه كليقومن فتركه مكرها على تركه لم يحنث لأن الترك لا يضاف إليه أو تركه ناسيا لم يحنث قطع به في التنقيح ومقتضى كلام جماعة يحنث في طلاق وعتق كالتي قبلها وقطع به في الإقناع وقد يفرق بأن الترك يكثر فيه النسيان فيشق التحرز منه ومن يمتنع بيمينه أي الحالف كزوجته وولده وغلامه ونحوهم وقصد بيمينه منعه كهو أي الحالف فمن حلف على نحو زوجته لا تدخل دارا فدخلتها ناسية أو جاهلة بيمينه فعلى ما سبق يحنث في طلاق وعتق فقط وإن قصد أن لا يخالفه وفعله مكرها لم يحنث قاله في الرعايتين و الحاوي وغيرهم ذكره في الإنصاف وإن حلف على من لا يمتنع بيمينه كأجنبي وذي سلطان حنث بالمخالفة مطلقا و إن حلف لا يدخل على فلان بيتا أو حلف لا يكلمه أو حلف لا يسلم عليه أي فلان أو حلف لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل الحالف بيتا هو أي فلان فيه ولم يعلم به أو سلم عليه ولم يعلم به أو سلم على قوم هو أي فلان فيهم ولم يعلم الحالف به أو قضاه فلان حقه فخرج رديئا أو أحاله فلان به أي بحقه ففارقه ظنا منه أنه قد برىء حنث الحالف لفعله ما حلف لا بفعله قاصدا له إلا في السلام إذا سلم عليه أوعلى قوم هو فيهم ولم يعلم به و إلا في الكلام بأن حلف لا يكلمه فسلم عليه أو على قوم هو فيهم أو كلمهم ولم يعلم به فلا حنث لأنه لم يقصده بسلامه أو كلامه وإن علم الحالف به أي المحلوف عليه في سلام أو كلام بأن علمه فيهم ولم ينوه بالسلام أو الكلام ولم يستثنه بقلبه حنث لأنه سلم عليه عالما به أشبه ما لوسلم عليه منفردا و إن حلف ليفعلن شيئا لم يبرأ حتى يفعل جميعه لأن اليمين تناولت فعل الجميع فلم يبر إلا به فمن حلف ليأكلن الرغيف لم يبرأ حتى يأكله أو حلف ليدخلن الدار لم يبرأ حتى يدخلها بجملته و إن حلف على شيء لا يفعله أو حلف على من يمتنع بيمينه كزوجة وقرابة لا يفعل شيئا وقصد منعه من فعله ولا نية تخالف ظاهر لفظه ولا سبب ولا قرينة تقتضي المنع من بعضه ففعل الحالف أو المحلوف عليه بعضه كمن حلف لا يأكل الرغيف فأكل بعضه لم يحنث نص عليه فيمن حلف على امرأته لا تدخل بيت أختها لا تطلق حتى تدخلها كلها ألا ترى أن عوف ابن مالك قال : كلي أو بعضي لأن الكل لا يكون بعضا والبعض لا يكون كلا وسبق [ أنه A كان يخرج رأسه وهو معتكف إلى عائشة فترجله وهي حائض ] والمعتكف ممنوع من الخروج من المسجد فمن حلف على ممسك مأكولا كرمانة أوتفاحة لا آكله ولا ألقاه ولا أمسكه فأكل بعضا ورمى الباقي أوأمسكه لم يحنث لأنه لم يأكله كله ولم يلقه كله ولم يمسكه كله أو حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو دخل طاق بابها لم يحنث لأنه لم يدخلها بجملته أو حلف على امرأة لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أي غزلها لم يحنث لأنه كله ليس من غزلها أوحلف لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه لم يحنث لأنه لم يشربه بل بعضه أو حلف لا يبيع عبده ولا يهبه أو يؤجره ونحوه فباع أو وهب أو أجر ونحوه بعضه أو باع بعضه ووهب باقيه لم يحنث لأنه لم يبعه كله ولا وهبه كله أو حلف لا يستحق على فلان شيئا فقامت بينة على الحالف بسبب الحق من قرض أو نحوه بأن شهدت أن الحالف اقترض منه أو ابتاع منه أو استأجر منه دون أن يقولا أي الشاهدان وهو أي الدين باق عليه لم يحنث لإمكان صدقه بدفع الحق أو براءته منه ويحكم عليه بما شهدا عليه به لأن الأصل بقاؤه و إن حلف لا يشرب ماء هذا النهر فشرب منه حنث لصرف يمينه إلى البعض لاستحالة شرب جميعه وكذا من حلف لا يأكله الخبزأو اللحم أولا يشرب الماء أو العسل ونحوه من كل ما علق عليه اسم جنس أو اسم جمع فيحنث بالبعض وإن حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من نهريأخذ منه حنث أو حلف على امرأة لا يلبس من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أي غزلها حنث لأنه ليس من غزلها بخلاف ما لو قال ثوبا من غزلها وتقدم و إن قال لامرأته إن لبست ثوبا أو لم يقل ثوبا بأن قال إن لبست فأنت طالق ونوى ثوبا معينا قبل منه حكما لأن لفظه يحتمله وصدقه ممكن سواء كان حلفه بطلاق أم بغيره و إن حلف لايلبس ثوبا أو لا يكل طعاما اشتراه أي الثوب أو نسجه أو طبخه أي الطعام زيد فلبس الحالف ثوبا نسجه هو أي زيد وغيره حنث أو لبس ثوبا أوأكل طعاما اشترياه أي زيد غيره أو لبس ثوبا أو أكل طعاما اشتراه أي زيد لغيره حنث أو أكل الحالف من طعام طبخاه أي زيد وغيره حنث كما لوحلف لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان فدخل دارا له ولغيره وإن اشترى غيره أي غير زيد شيئا انفرد بشرائه فخلطه أي الحالف أو غيره بما اشتراه هو أي زيد فكل الحالف منه أكثر مما اشترى شريكه حنث لأنه أكل مما اشتراه زيد يقينا وإلا يأكل أكثر مما اشتراه غيرزيد فلا حنث سواء أكل قدر ما اشتراه شريكه أو دونه لأن الأصل بقاء العصمة ولم يتيقن الحنث و إن حلف لا يبيت عند زيد حنث ب مكثه عنده أكثر الليل لأنه يسمى مبيتا بخلاف نصف الليل فما دونه ولا يحنث إن حلف لا أقمت عنده كل الليل أو حلف لا أبيت عنده و نواه أي كل الليل فأقام عنده بعضه أي الليل ولو أكثره ولا يحنث إن حلف لا أبيت ببلد أو لا آكل ببلد فبات أو أكل خارج بنيانه أي البلد لأنه لم يبت أويأكل فيه ويحنث إن أكل أوبات بمسجدها لأنه يعد منها ولوكان خارجها قريبا منها عادة ولوقال إن كانت امرأتي في السوق فعبدي حر وإن كان عبدي في السوق فامرأتي طالق وكانا فيه عتق العبد ولم تطلق المرأة لأن العبدعتق باللفظ الأول فلم يبق له بالسوق عبد