فصل في تعليقه بالمشيئة أي الإرادة : إذا قال لامرأته أنت طالق .
إن شئت أو إذا شئت أو متى شئت أو أنى شئت أو أين شئت أو كيف شئت أوحيث شئت أوأي وقت شئت فشاءت بلفظها لا بقلبها ولو كانت كارهة وقع لوجود الصفة وعبارته في الانصاف و التنقيح ولو مكرهة وما ذكره المصنف هو الصواب أو كانت مشيئتها بعد تراخ أو بعد رجوعه أي الزوج عن تعليقه بها وقع الطلاق لأنه إزالة ملك علق على المشيئة فكان على التراخي كالعتق والتعليق لا يبطل برجوعه عنه للزومه وإن قيد المشيئة بوقت كأنت طالق إن شئت اليوم أو الشهرتقيدت به فلا يقع بمشيئتها بعده و لا يقع إن قالت شئت إن شئت ولو شاء أو شئت إن شاء أبى ولو شاء أبوها لأن المشيئة أمرخفي لا يصح تعليقه على شرط وكذا شئت إن طلعت الشمس ونحوه نصا ونقل ابن المنذر الإجماع عليه لأنه لم يوجد منها مشيئة إنما وجد منها تعليق مشيئتها بشرط وليس تعليقها بذلك مشيئة و إن قال لها أنت طالق إن شئت وشاء أبوك لم يقع حتى يشاء أو قال لها أنت طالق إن شاء زيد وعمر لم يقع حتى يشاء ولو شاء أحدهما فورا والآخر متراحيا وقع لوجود مشيئتهما جميعا و إن قال لها أنت طالق إن شاء زيد فشاء زيد ولو كان مميزا يعقلها أي المشيئة حينها أو كان سكران أو شاء بإشارة مفهومة ممن خرس أو كان أخرس فشاء بإشارة مفهومة وقع الطلاق لصحته من مميزيعقله وسكران ومن الأخرس بالاشارة ورده الموفق و الشارح في السكران بأن وقوعه منه تغليظ عليه لمعصيته وهنا التغليظ على غيره ولا معصية ممن غلظ عليه و لا يقع الطلاق إن مات زيد أو غاب أو جن قبلها أي المشيئة لأن الشرط لم يوجد ولو قال لامرأته أنت طالق إلا أن يشاء فلان فمات فلان أو جن أو أباها أي المشيئة وقع الطلاق إذن لأنه أوقع الطلاق وعلق رفعه بشرط لم يوجد وإن خرس فلان وفهمت إشارته فكنطقه لقيامها مقامه قلت وكذا كتابته وإن نجز طلقة فقال أنت طالق طلقة إلا أن تشائي أويشاء زيد ثلاثا أو علق طلقة فقال إن قمت فأنت طالق طلقة إلا أن تشاء هي أو يشاء زيد ثلاثا أو نجز أو علق ثلاثا بأن قال أنت طالق ثلاثا أو إن قمت فأنت طالق ثلاثا إلا أن تشائي واحدة أو إلا أن يشاء زيد واحدة فشاءت هي أو شاء زيد ثلاثا في المسألة الأولى وقعت الثلاث لوجود شرطها كواحدة أي كما تقع طلقة واحدة إن شاءت هي أو زيد واحدة في المسألة الثانية لأنه مقتضى صيغته وإن شاءت ثنتين أو شاء زيد ثنتين أي طلقتين في المسألتين فكما لولم يشاءا أي هي أوزيد لأنه لم يقل إلا أن تشاء هي وزيد ثنتين و إن قال لها أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد ولا نية للقائل تخالف ظاهر لفظه فشاءهما زيد أي الطلاق والعتق وقعا لوجود الصفة وإلا يشأهما بأن لم يشأ شيئا أو شاء أحدهما فقط لم يقع شيء لأن المعطوف والمعطوف عليه كشيء واحد وقد وليهما التعليق فتوقف الوقوع على مشيئتهما ولا تحصل بمشيئة أحدهما و إن قال لها يا طالق إن شاء الله طلقت قاله في الترغيب وقال إنه أولى بالوقوع من قوله أنت طالق إن شاء الله أو قال لها أنت طالق إن شاء الله طلقت أو قال عبدي حر إن شاء الله عتق أو قدم الاستثناء فقال إن شاء الله فأنت طالق أو فعبدي حر أو قال أنت طالق إلا أن يشاء الله أو قال عبدي حر إلا أن يشاء الله أو قال أنت طالق إن لم يشاء الله أو عبدي حر إن لم يشاء الله أو قال أنت طالق ما لم يشاء الله أوعبدي حر ما لم يشاء الله وقعا أي الطلاق والعتق نصا وذكر قول قتادة قد شاء الله الطلاق حين أذن فيه ولأنه تعليق على ما لا سبيل الى علمه فبطل كما لوعلقه على شيء من المستحيلات ولأنه انشاء حكم في محل فلم يرتفع بالمشيئة كالبيع والنكاح ولأنه يقصد بإن شاء الله تأكيدالوقوع و إن قال لها إن قمت فأنت طالق إن شاء الله أو قال لها ان لم تقوى فأنت طالق إن شاء الله أو قال لأمته مثلا إن قمت أو إن لم تقومي فأنت حرة إن شاء الله أو قال لامرأته أنت طالق إن قمت إن شاء الله أوأنت طالق إن لم تقومي إن شاء الله أوأنت طالق لتقومين إن شاء الله أوأنت طالق لأقومن إن شاء الله أو قال لأمته مثلا أنت حرة إن قمت إن شاء الله أو أنت حرة ان لم تقومي إن شاء الله أو أنت حرة لتقومين إن شاء الله أو أنت حرة لا قمت إن شاء الله فإن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع الطلاق به أي بفعل ما حلف على تركه أو بتركه ما حلف على فعله لأن الطلاق هنا يمين لأنه تعليق على ما يمكن فعله وتركه فشمله عموم حديث ابن عمرمرفوعا [ من حلف على يمين ققال إن شاء الله فلا حنث عليه ] رواه الخمسة إلا أبا داود وعن أبي هريرة مرفوعا [ من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث ] رواه الترمذي و ابن ماجة وقال فله ثنياه فإذا قال لها أنت طالق لتدخلن الدار إن شاء الله لم تطلق دخلت أو لم تدخل لأنها إن دخلت فقد فعلت المحلوف عليه فإن لم تدخل علمنا أنه تعالى لم يشأ لأنه لوشاء لوجد فإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وكذا أنت طالق لا تدخلي الدار إن شاء الله وإلا ينو رد المشيئة إلى الفعل بأن لم ينو شيئا أو ردها للطلاق أو العتق أو إليهما وقع الطلاق والعتق كما لو لم يذكر الفعل قال في الشرح وان لم تعلم نيته فالظاهررجوعه إلى الدخول ويحتمل أن يرجع إلى الطلاق ومن حلف بطلاق أو غيره لا يفعل كذا إن شاء زيد لم ينعقد يمينه حتى يشاء زيد أن لا يفعل الحالف لتعليق حلفه على ذلك و إن قال لها أنت طالق لرضا زيد أو أنت طالق لمشيئته أي زيد أو قال لها أنت طالق لقيامك ونحوه كسوادك وبياضك أو سوء خلقك أو سمنك وشبهه يقع الطلاق في الحال لأنه إيقاع معلل بعلة بخلاف قوله أنت طالق لقدوم زيد فلا تطلق حتى يقدم زيد لأن الأمر فيه للتأقيت نظيرها قوله تعالى : { أقم الصلاة لدلوك الشمس } أو أنت طالق لغد فلا تطلق حتى يأتي الغد ونحوه كأنت طالق لحيضك وهي طاهرة فلا تطلق حتى تحيض لما سبق فإن قال فيما ظاهره التعليل كأنت طالق لرضا زيد أو قيامك ونحوه أردت الشرط أي تعليق الطلاق قبل منه حكما لأن لفظه يحتمله فلا تطلق حتى يوجد المعلق عليه بعد التعليق لأنه لا يستعمل للتعليق كأنت طالق للسنة أو البدعة و إن قال لها إن رضي أبوك فأنت طالق فأبى أبوها أي قال لا أرضى بذلك ثم رضي بعد إبائه وقع الطلاق لأن الشرط مطلق فهو متراخ و إن قال لها أنت طالق ان كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار أو إن كنت تبغضين الجنة أو إن كنت تبغضين الحياة ونحوهما كالخبز والطعام اللذيذ والعافية فقالت أحب التعذيب بالنار أو قالت أبغض الجنة والحياة ونحوهما لم تطلق إن قالت كذبت ولوقال إن كنت تحبين بقلبك أن يعذبك الله بالنارأو ان كنت تبغضين بقلبك الجنة ونحوها لاستحالة ذلك عادة كقوله إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرم الإبرة فأنت طالق فقالت أعتقده فإن عاقلا لا يجوزه فضلا عن اعتقاده فإن لم تقل كذبت فقال القاضي تطلق وجزم به في الوجيز وقال في التنقيح لم تطلق إن كانت كاذبة وفي الانصاف والأولى أنها لا تطلق إذا كانت تعقله أو كانت كاذبة وهو المذهب وإن قال إن كنت تحبين أو تبغضين زيدا فأنت طالق فأخبرته به طلقت وإن كذبت ولو قال لامرأته إن كان أبوك يرضى بما فعلتيه فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت طلقت لتعليقه على رضا مستقبل وقد وجد و لا تطلق إن قال لها إن كان أبوك راضيا به أي بما فعلتيه فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت لأنه ماض وتعليق عتق فيما تقدم كطلاق لأن كلا منهما إزالة ملك ويصح تعليق عتق بالموت وهو التدبير للخبر بخلاف تعليق طلاق بموت وتقدم