فصل النوع الثاني من المحرمات .
إلى أمد المحرمات لعارض يزول فتحرم عليه زوجة غيره لقوله تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } و تحريم معدته أي غيره لقوله تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } و تحرم عليه مستبرأة منه أي غيره لأنها في معنى المعندة ويفضي تزوجها إلى اختلاط المياه واشتباه الانساب وسواء كانت العدة أو الاستبراء من وطء مباح أو محرم أومن غير وطء لانه لا يؤمن أن تكون حاملا و تحريم زانية على زان وغيره حتى تتوب لقوله تعالى : { والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } لفظه لفظ الخبر والمراد لنهي وقوله { والمحصنات من المؤمنات } أي العفائف فمفهومه أن غير العفيفة لا تباح و [ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة وكان بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقته قال فجئت النبي A فقلت يا رسول الله : أنكح عناقا ؟ قال فسكت عني فنزلت { والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } فدعاني فقرأها علي وقال : تنحكها ؟ ] رواه أبو داود الترمذي و النسائي وتوبة الزانية بأن تراود على الزنا فتمتنع نصاروي عن عمر وابن عباس فإن تابت وانقضت عدتها حلت لزان كغيره في قول أكثرأهل العلم منهم أبو بكر وعمرو ابنه وابن عباس وجابر وعن ابن مسعود والبراء بن عازب وعائشة لا تحل لزان بحال فيحتمل أنهم أرادوا قبل التوبة أو الاستبراء فهوكقولنا و تحرم عليه مطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره و حتى تنقضي عدتهما أي الزانية والمطلقة ثلاثا من زوج نكحته لقوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } والمراد بالنكاح هنا الوطء لقوله A لامرأة رفاعة لما أرادت أن ترجع إليه بعد أن طلقها ثلاثا وتزوجت بعبد الرحمن بن الزبير : لا حتى تذوق عسيلته وعدة زانية من فراغ وطء كموطوءة بشبهة وتقتضي عدتها بوضع حملها من زنا ان كان ذكره في الشرح و تحرم محرمة حتى تحل من إحرامها لحديث عثمان مرفوعا [ لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ] رواه الجماعة إلا البخاري ولم يذكر الترمذي الخطبة ولأنه عارض منع الخطيب فمنع النكاح كالعدة و تحرم مسلمة على كافر حتى يسلم لقوله تعالى : { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } وقوله : { فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم } و تحرم على مسلم ولو عبدا كافرة لقوله تعالى : { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } وقوله : { ولا هم يحلون لهن } وقوله : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } غير حرة كتابية ولو حربية أبواها كتابيان لقوله تعالى : { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } فهو مخصص لما تقدم وأهل الكتاب من دان بالتوراة والإنجيل خاصة ولو كان أبواها من بني تغلب ومن في معناهم من نصارى العرب ويهودهم حتى تسلم الكافرة فتحل بعد إسلامها للمسلم لزوال المانع وعلم منه عدم حل المجوسية ونحوها لمسلم ولو اختارت دين أهل الكتاب وكذا لو تولدت بين كتابي ومجوسية تغليبا للحطر وكذا الدروز ونحوهم لا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم ومنع النبي A من نكاح كتابية إكراما له ك ما منع من نكاح أمة مطلقا أي في كل زمان وعلى كل حال وفي عيون المسائل يباح له ملك اليمين مسلمة كانت أو شركة والأول المذهب قاله في شرحه ولكتابي نكاح مجوسية و له وطؤها بملك يمين قياسا على المسلم ينكح الكتابية ويطؤها بملك اليمين و لا يحل نكاح مجوسي لكتابية نصا لأنها أعلى منه ولا يحل لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن يخاف عنت العزوبية لحاجة المتعة أو حاجة خدمة امرأة له لكبر أو مرض أو غيرهما نصا وأدخل القاضي وأبو الخطاب في خلافيهما الخصي والمحبوب إذا كان له شهوة يخاف معها من التلذذ بالمباشرة حراما وهو عادم الطول وهو ظاهركلام الخوقي والموفق وغيرهما ولو كان خوف عنت العزوبية مع صغر زوجته الحرة أو غيبتها أو مرضها أي زوجته الحرة نصا ولا يجد طولا أي مالا حاضرا يكفي لنكاح حرة ولو كانت الحرة كتابية لاغائبا ولو وجد من يقرضه أو رضيت الحرة بتأخيرصداقها أو بدون مهر مثلها أو تفويض بضعها أو وهب له فتحل له الأمة المسلمة بهذين الشرطين خوف العنت وعدم الطول لقوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا } - الى قوله - { ذلك لمن خشي العنت منكم } والصبرعن إنكاحها مع الشرطين أولى لقوله تعالى : { وأن تصبروا خير لكم } ويقبل قوله في وجود الشرطين ولوكان بيده مال فادعى أنه وديعة أو مضاربة فإن عدم أحد الشرطين أو كانت الأمة كافرة ولوكتابية لم تحل للمسلم للآية قال في الشرح : أو وجد مالا ولم يزوج لقصور نسبه فله نكاح الأمة أي مع خوف العنت لأنه غيرمستطيع الطول إلى حرة تعفه فأشبه من لم يجد شيئا انتهى وكذا لولم يجد من يزوجه حرة إلا بزيادة عن مهر مثلها تجحف بماله ولو قدر عادم الطول خائف العنت على ثمن أمة قدمه في التنقيح ثم قال : وقيل لا ولو كتابية واختاره جمع كثير وهو أظهر انتهى وممن اختار القول الثاني القاضي في المجرد وأبو الخطاب في الهداية و المجد في المحرر و ابن عقيل وصاحب المذهب و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و النظم و المقنع و الشرح و الحاوي الصغير و الوجيز وابن عبدوس وغيرهم واختاره في الاقناع ولا يبطل نكاحها أي الأمة إذا تزوجها بالشرطين إن أيسر فملك ما يكفيه لنكاح حرة ولو نكح حرة عليها أو زال خوف العنت ونحوه كما لو نكح أمة لحاجة خدمة لمرض فعوفى منه أو غيبة زوجته فقدمت لأن ذلك شرط لابتداء النكاح لا لاستدامته وهى تخالف ابتداءه إذ الردة والعدة وأمن العنت يمنعن ابتداءه دون استدامته وقال علي إذا تزوج الحرة على الأمة قسم ليلتين وللأمة ليلة وله أي لمن تزوج أمة بشرطه إن لم تعفه الأمة نكاح أمة أخرى عليها فإن لم يعفاه فله نكاح ثالثة وهكذا إلى أن يصرن أربعا لعموم قوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولا } إلى آخره وكذا له أن يتزوج أمة على حرة لم تعفه الحرة بشرطه بأن لا يجد طولا لنكاح حرة لعموم الآية قال أحمد إذا لم يصبركيف يصنع ؟ فإن كان معه حرة أو أمة تعفه فلا خلاف في تحريم نكاح أمة أخرى وإن نكح أمتين في عقد واحد وهو يستعف بواحدة منهما فنكاحهما باطل لبطلانه في إحداهما وليست إحداهما بأولى من الأخرى فبطل فيهما كما لو جمع بين أختين وكتابي حر في ذلك أي نكاح الأمة كمسلم فلا تحل له إلا بالشرطين وكونها كتابية ولا يصح نكاح أمة من بيت المال مع أن فيه شبهة تسقط الحد لكن لا تجعل الأمة أم ولده ذكره في الفنون وحق الزوج في بيت المال لم يتعين في المنكوحة ولا تصير أمة منكوحة من بيت المال إن ولدت أم ولد لأنه من زوج ولو كان يملكها أو شيئا منها لم يصح النكاح ولا يكون ولد الأمة من زوجها حرا إن لم يكن ذا رحم محرم لسيدها إلا باشتراط الزوج حريته فإن اشترطها فحر لحديث المسلمون على شروطهم ولقول عمر مقاطع الحقوق عند الشروط لأنه شرط لا يمنع المقصود من النكاح فلزم كشرط سيدها زيادة مهرها ومن نكح امة ثم ادعى فقد أحد الشرطين فرق بينهما وعليه المسمى بعد الدخول مطلقا ونصفه قبله إن لم يصدقه سيدها و يباح القن ومدبر ومكاتب ومبعض نكاح أمة ولو كانت لابنها الحر لأن الرق قطع ولاية والده عنه وعن ماله ولهذا لا يلي ماله ولا نكاحه ولا يرث أحدهما صاحبه فهو كالأجنبي منه حتى لو تزوجها على حرة إن قلنا الكفاءة ليست شرطا للصحة و للعبد جمع بينهما أي الحرة والأمة في عقد واحد لأنه إذا جاز إفراد كل منهما بالعقد جاز الجمع بينهما كالأمتين و لا يباح للعبد ولا يصح منه نكاح سيدته ولو ملكت بعضه حكاه ابن المنذر إجماعا لأن أحكام الملك والنكاح تتناقص إذ ملكها إياه يقتضي وجوب نفقته عليها وأن يكون بحكمها ونكاحه إياها يقتضي عكس ذلك وروى الاثرم باسناده عن أبي الزبير عن جابر أنه سأله عن العبد ينكح سيدته فقال جاءت امرأة إلى عمرابن الخطاب ونحن بالجابية وقد نكحت عبدها فانتهرها عمر وهم أن يرجمها وقال لا يحل لك و يباح لأمة نكاح عبد ولو كان العبد لابنها لقطع رقها التوارث بينها وبين ابنها فهو كالأجنبي منها و لا يصح أن تتزوج أمة بسيدها لأن ملك الرقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة البضع فلا يجتمع معه عقد اضعف منه ولا يباح لحر أوحرة نكاح أمة أو عبد ولدهما أي ليس للحر نكاح أمة ولده ولا للحرة نكاح عبد ولدها لما يأتي أنه إذا ملك ولد أحد الزوجين الآخر انفسخ النكاح وإن ملك أحد الزوجين الزوج الآخر أو بعضه بشراء أو إرث أو هبة ونحوها وانفسخ النكاح لتنافي أحكام الملك والنكاح كما تقدم قريبا أو ملك ولده الحر أي ولد أحد الزوجين الزوج الآخرأو بعضه انفسخ النكاح لأن ملك ولد أحد الزوجين كملك أصله في إسقاط الحد فكان كملكه في إسقاط النكاح أو ملك مكاتبه أي مكاتب أحد الزوجين أو ملك مكاتب ولده أي ولد أحد الزوجين الزوج الآخر أو ملك بعضه أي بعض الزوج الأخر انفسخ النكاح لما سبق فلو بعثت إليه زوجته حرمت عليك ونكحت غيرك وعليك نفقتي ونفقه زوجي فقد ملكت زوجها وتزوجت ابن عمها وهذا الفسخ لا ينقص به عدد الطلاق فلو اعتقته ثم تزوجها لم يحتسب بتطليقه ومن جمع في عقد بين مباحة ومحرمة كأيم بتشديد المثناة تحت أي من لا زوج لها ومزوجة صح في الأيم لأنها محل قابل للنكاح أضيف إليها عقد من أهله لم يجتمع معها فيه مثلها فصح كما لو انفردت به وفارق العقد على الأختين لأنه لا مزية لاحداهما على الأخرى وهنا قد تعينت التي بطل فيها النكاح ولها من المسمى بقسط مهر مثلها منه و من جمع في عقد بين أم وبنت صح العقد في البنت دون الأم لأنه عقد تضمن عقدين يمكن تصحيح أحدهما دون الآخر فصح فيما يصح وبطل فيما يبطل إذ لو فرضنا سبق عقد الأم ثم بطلانه ثم عقد على البنت صح نكاح البنت بخلاف عكسه فاذا وقعا معا فنكاح البنت أبطل نكاح الام لأنها تصيرأم زوجته ونكاح الأم لا يبطل نكاح البنت لأنها تصير ربيته من زوجة لم يدخل بها ومن حرم نكاحها حرم وطؤها بملك يمين لأنه إذا حرم النكاح لكونه طريقا إلى الوطه فهو نفسه أولى بالتحريم إلا الأمة الكتابية فيحرم نكاحها لا وطؤها بملك لعموم قوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانكم } ولأن نكاح الأمة الكتابية إنما حرم لأجل ارقاق الوبد وبقائه مع كافرة وهذا معدوم في ملك اليمين ولا يصح نكاح خنثى مشكل حتى يتبين أمره نصا لعدم تحقق ما يبيحه فغلب الحظركما لو اشتبهت أخته بأجنبيات ولا يحرم في الجنة زيادة العدد على أربع زوجات و لا يحرم فيها الجمع بين المحارم كالمرأة وعمتها أو خالتها ونحوه وغيره لأنها ليست دار تكليف